الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم أخذ قرض ربوي لتجنب بيع البيت في المزاد العلني

السؤال

قمتُ بشراء قطعة أرض وبنيتُ منزلًا عليها، ثم سجّلتُ نصف قطعة الأرض، بما عليها من بناء، باسم زوجي. وبعد زواجٍ دام تسعًا وثلاثين سنة، قام زوجي -قبل نحو عام- ببيع حصته من الأرض لرجلٍ غريب، انتقامًا مني، ثم هجرني. ونظرًا لخوفي على نفسي وبناتي، قمتُ بشراء حصة ذلك الرجل الغريب، ودفعتُ 40٪ من قيمة الحصة، بينما قام هو برهن المنزل ضمانًا لباقي المبلغ، ومنحني مهلة سنة كاملة لتسديد القيمة المتبقية.
قمتُ بمحاولات متعددة لبيع المنزل لتوفير مبلغ السداد، وقد مرّت قرابة سنة دون أن يُباع، رغم الإعلان عنه بجميع الوسائل الممكنة، إلا أن البيع لم يتم حتى الآن.
وبعد أحد عشر يومًا من الآن، إذا لم أسدّد المبلغ، سيقوم الرجل برفع قضية لبيع المنزل عن طريق المزاد العلني.
وفي بلدي، إذا تم بيع المنزل بالمزاد العلني، فإن الدولة تقتطع ما يُسمى بـ"الفوائد القانونية" بنسبة 9٪ من قيمة البيع، علمًا بأن قيمة المنزل تنخفض بشكل كبير في حال بيعه بهذه الطريقة، تصل إلى أكثر من 33٪ من قيمته الحقيقية، ما يعني أنني سأخسر المنزل، ولن يتبقى لي إلا مبلغ ضئيل لا يكفي لشراء شقة.
أخي عرض عليّ أن آخذ قرضًا ربويًا من البنك لسداد الدين الذي عليّ، وقال: إن تمكّنا من بيع المنزل خلال السنة الأولى من مدّة القرض، وسدّدنا للبنك باقي المبلغ، فلن نكون ملزمين بسداد كامل الفوائد الربوية، بل يكتفي البنك بالفوائد المترتبة عن المدّة من تاريخ القرض إلى تاريخ السداد فقط. فماذا أفعل؟ هل أقبل ببيع المنزل في المزاد العلني رغم الخسارة، ودفع "الفوائد القانونية"؟ أم آخذ قرضًا ربويًا لسداد الدين، مع نيّة بيعه لاحقًا لتسديد القرض قبل تراكم الفوائد الكبيرة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا إشكال في حرمة الاقتراض الربوي من حيث الأصل، ولكن النظر هنا يقتصر على تحقق الضرورة التي تبيح ارتكاب حرمة الربا في حال السائلة! ونحن لا نستطيع الجزم بذلك نفيًا أو إثباتًا في خصوص حال السائلة. وإنما يسعنا أن نبين لها حدّ الضرورة عمومًا، وهي ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببها في الهلكة، أو أن تلحقه بسببها مشقة لا تُحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحدّ الأدنى من حياة الفقراء. وراجعي في ذلك الفتاوى: 22567، 47389، 322741.

فلتنظر السائلة في واقع حالها، وما يصير إليه أمرها إن بِيعَ البيت في المزاد، فإن صدق عليها الوصف السابق، فلها أن تترخص وتأخذ هذا القرض، وإلا فلا.

وإن شكّت، أو تردّدت، فلتستشر من تستطيع مشافهته من أهل العلم الثقات؛ ليقف على تفاصيل الواقع، ويقدّر الأمر في ضوء ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني