السؤال
تزوجت امرأة من سجين، عن طريق تهريب نطفة من السجين، وزرعها في رحم الزوجة، ثم ولدت طفلا، وبعد فترة، قام الزوج بتطليق زوجته دون أن يطأها. فهل يعتبر الطلاق قبل الدخول أم بعد الدخول؟ بما أنه لم يحدث جماع، ولكنها حملت منه عن قصد، وهل ينسب الطفل لهذا الزوج؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تكلم الفقهاء في كتبهم عن مسألة استدخال المرأة مني زوجها، ووصوله إلى رحمها من غير وطء، وذكروا أنه يترتب عليه بعض أحكام الدخول، ولا يترتب عليها البعض الآخر، وممن تكلم فيها ابن عابدين الحنفي في رد المحتار، قال: ومما جرى مجراه " أي الوطء" ما لو استدخلت منيه في فرجها. انتهى
والبجيرمي الشافعي في تحفة الحبيب حيث قال: والحاصل أن استدخال الماء المحترم، حكمه حكم الدخول في لحوق النسب، وعدم بينونتها إذا طلقت قبل الدخول، وبعد استدخال المني، وفي ثبوت المصاهرة، لا تحليل، ولا إحصان، أي: لا تصير باستدخال ماء زوجها المحترم حليلة لزوجها الأول، ولا محصنة وغسل ومهر، فليس استدخال المني فيها كالوطء، والمعتبر الدخول في الحياة. انتهى.
وجاء في الإنصاف للمرداوي الحنبلي: فإن تحملت بماء الزوج، ففي تقرير الصداق به وجهان، وأطلقهما في الفروع، وقال: ويلحقه نسبه، قلت: ظاهر كلام كثير من الأصحاب أنه لا يقرره -أي المهر-، وقال في الرعاية: ولو استدخلت مني زوج، أو أجنبي، بشهوة، ثبت النسب، والعدة، والمصاهرة، ولا تثبت رجعة، ولا مهر المثل، ولا يقرر المسمى. انتهى.
فتبين بهذا أن النسب يثبت، بذلك، وكذا العدة، كما تبين أيضا أن الطلاق هنا يعتبر طلاقا رجعيا، لا بائنا وفق قول بعضهم؛ ولذا قال الأزهري المشهور بالجمل في فتوحات الوهاب: والطلاق قبله "أي الوطء" بائن مطلقا أي، ولو بدون عوض لكنه ليس بلازم لإمكان كونه رجعيا بأن كان بعد استدخال المني فهو رجعي مع أنه قبل الوط. انتهى
والأولى: أن تراجع في هذه المسألة المحكمة الشرعية إن وجدت، وخاصة إذا حدث شيء من المنازعات، فحكم القاضي ملزم.
والله أعلم.