هل يتحمّل الإمام سهو المأموم الذي زاد ركنًا من أركان الصلاة؟

0 2

السؤال

من المعلوم أن المأموم إذا نسي ركنا من الصلاة، فإن الإمام لا يتحمله عنه (سواء أدرك جميع الركعات أم كان مسبوقا)، بخلاف الواجبات، وعلى المأموم إذا لم يتدارك الركن أن يأتي بركعة أخرى تقوم مقام الركعة الملغاة، ويسجد للسهو، وهذا واضح ومفهوم.
لكن سؤالي يتعلق بالزيادة في الأركان؛ حيث ذكرتم في بعض الفتاوى أن المأموم إذا زاد ركوعا ثانيا، أو سجدة ثالثة؛ فليس عليه أن يسجد للسهو، فكيف ذلك؛ مع أن الإمام لا يتحمل عن المأموم الإخلال في الأركان؟ وهل السبب أن سجود السهو في ذمة المأموم واجب وليس ركنا، فيسقط عنه؟ وهل هذا الحكم يشمل من أدرك جميع الركعات مع الإمام، وكذلك المسبوق الذي فاتته ركعات؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الإمام ضامن، يتحمل سهو المأموم حال القدوة، ما لم يترك ركنا.

أما زيادة ركن سهوا؛ فإنه مثل زيادة واجب سهوا، أو سنة سهوا، يتحمله عنه إمامه؛ لأن سهوه واقع حال القدوة، سواء كان موافقا لإمامه، أو مسبوقا؛ بشرط حصول السهو منه قبل سلام إمامه، قال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: وسهوه - أي: المأموم .. يحمله إمامه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: الإمام ضامن، رواه أبو داود، وصححه ابن حبان.

قال الماوردي: يريد بالضمان -والله أعلم- أنه يتحمل سهو المأموم، كما يتحمل الجهر، والسورة، وغيرهما، ولأن معاوية شمت العاطس وهو خلف النبي صلى الله عليه وسلم -كما مر-، ولم يسجد، ولا أمره صلى الله عليه وسلم بالسجود...

فلو ظن سلامه -أي: الإمام- فسلم المأموم؛ فبان خلافه، أي: خلاف ظنه، سلم معه، أو بعده، وهو أولى؛ لأنه لا يجوز تقديمه على سلام إمامه، ولا سجود لسهوه حال القدوة، فيتحمله إمامه، ولو ذكر المأموم في آخر صلاته في تشهده، أو قبله، أو بعده ترك ركن تركه بعد القدوة، ولا يعرف ما هو، لكنه غير النية، والتكبيرة للإحرام، لم يعد لتداركه؛ لما فيه من ترك المتابعة الواجبة، وقام بعد سلام إمامه إلى ركعته التي فاتت بفوات الركن، ولا يسجد؛ لوجود سهوه حال القدوة.

وخرج بذلك ما لو شك في ترك الركن المذكور؛ فإنه يأتي به، ويسجد للسهو، كما في التحقيق، وإنما لم يتحمله عنه الإمام، لأنه شاك فيما أتى به بعد سلام إمامه، كما لو شك المسبوق هل أدرك ركوع الإمام أم لا، فقام وأتى بركعة؛ فإنه يسجد للتردد فيما انفرد به، ولو تذكر بعد القيام أنه أدرك الركوع؛ لأن ما فعله مع تردده فيما ذكر محتمل للزيادة.

أما النية، وتكبيرة الإحرام، وهما من زيادته؛ فالتارك لواحدة منهما ليس في صلاة، وسهوه -أي: المأموم- بعد سلامه -أي: إمامه-، لا يحمله -أي: إمامه-، مسبوقا كان، أو موافقا؛ لانتهاء القدوة، كما لا يحمل الإمام سهوه قبل القدوة، -كما مر-. انتهى.

أما لو كان سهوه بعد سلام إمامه؛ فإنه لا يتحمله عنه؛ لانقطاع القدوة.

وأما قولك: كيف ذلك، مع أن الإمام لا يتحمل عن المأموم الإخلال في الأركان؟ فهذا إنما يكون حال النقص من الركن، أما الزيادة إذا حصلت، فلم يخل بالركن، بل أتى بكل الأركان التي تلزمه، ولكنه أحدث زيادة ليست ركنا -وإن كانت على صورة الركن-، فهذه يتحملها عنه الإمام.

ولا يقاس أمر الزيادة في الركن على النقص منه؛ لأن نقصه -عمدا، أو سهوا، ولكن تذكره ولم يأت به- يخل بصحة الصلاة، ولا يجزئ سجود السهو عنه، بل لا بد من الإتيان بالركن الناقص، وهذا بخلاف الزيادة سهوا؛ فلا يشرع له فيها سوى قطع الزيادة -لو تذكر أثناءها-، وسجود السهو عنها؛ ولهذا يسقط سجود السهو لها، إذا حصلت حال الاقتداء؛ لأن الإمام يتحملها عنه.

وليس السبب ما أشرت إليه من كونه تعلق بذمته سجود واجب، لأنه لم يتعلق بذمته شيء؛ لوجود الاقتداء والائتمام، وراجع الفتوى: 458164. ولمعرفة مذاهب الفقهاء في حكم سجود السهو ابتداء، راجع الفتوى28891. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة