السؤال
أنا شاب أصابني مرض شديد جعلني لا أستطيع الحراك، وأشعر أثناء نومي بخروج بول مني رغما عني، ومن شدة مرضي، لا أشعر بنصفي السفلي، ولا أستطيع التفرقة إن كان الخارج بولا، أو شيئا من المني، أو المذي.
حتى قبل مرضي، كنت أعاني من قطرات بول تخرج مني بعد التبول، رغم أني أقضي الكثير من الوقت في الاستبراء من البول، وأحيانا تخرج مني مباشرة عند بداية الوضوء، وكأني لم أفعل شيئا، وأحيانا تخرج بعد عدة ساعات.
تعبت من هذه الحالة، حتى أصبحت دائم الشك، ومرهقا بشدة، وأريد حلا. ماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى -ابتداء- أن يمن عليك بالشفاء، وأن يجعل مرضك كفارة ورفعة لك في الدرجات.
وأما عن سؤالك؛ فنلخص الجواب فيما يلي:
أولا: شعورك بخروج المني، أو البول، أو المذي، إن كان هذا الشعور مجرد شك؛ فإنه لا يلزمك البحث ولا التفقد، وإنما يكفيك أن تبني على الأصل، وهو أنه لم يخرج منك شيء، فإن اليقين لا يزول بمجرد الشك، وقد شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم: الرجل، يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة، قال: لا ينصرف، حتى يسمع صوتا، أو يجد ريحا. والحديث متفق عليه، ويتأكد هذا في حقك إذا كنت مبتلى بكثرة الشكوك.
ثانيا: لو ثبت أنه يخرج منك شيء، وفرض أن الخارج مني؛ فالمني طاهر في المفتى به عندنا، وخروجه بسبب المرض لا يجب فيه الغسل أيضا، فإذا خرج بغير لذة -كخروجه لمرض، أو برد-؛ فإنه لا يجب عليك الغسل، ويكتفى فيه بالوضوء عند إرادة الصلاة، وما تشترط له الطهارة. وانظر لهذا الفتويين: 467914، 292549.
ثالثا: المذي، والبول، نجسان، وخروجهما ناقض للوضوء، كما أن خروج المني ناقض للوضوء، لكن إذا بلغ خروج البول، أو المذي، أو المني حد السلس؛ لم يلزمك الوضوء كلما خرج، ويكفيك حينئذ الوضوء عند دخول الوقت، فتتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتصلي الفريضة، وما تشاء من النوافل، ولا يلزمك إعادة الوضوء في الوقت. وانظر الفتوى: 119395، في بيان الضابط الذي يعرف به المرء أنه مصاب بالسلس.
رابعا: إذا تبين أنك مصاب بسلس، فيكفيك أن تستنجي، وتتطهر عند دخول وقت الصلاة، وتشد شيئا على فرجك، تتحفظ به من نزول النجاسة، ثم تصلي، ولا يضرك لو تلوثت ثيابك بعد ذلك، بل لا يلزمك الشد لكل صلاة ما لم تفرط، وقد ذكر الفقهاء أن صاحب السلس لا يلزمه إعادة الشد والتعصيب لكل صلاة، ما دام لم يفرط.
قال صاحب كشاف القناع: ولا يلزم إعادة غسل، ولا إعادة تعصيب لكل صلاة حيث لا تفريط في الشد، لأن الحدث مع غلبته وقوته لا يمكن التحرز منه، قالت عائشة: اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه، فكانت ترى الدم والطست تحتها، وهي تصلي. رواه البخاري. اهـ.
والله أعلم.