السؤال
نزحت من بيتي في أول ساعة من الحرب، وتركت المنزل بكل محتوياته، حتى إنني لم آخذ معي إلا النزر اليسير. وأثناء الحرب، تجرأ بعض الناس من حولنا على الدخول إلى المنزل دون إذني أو موافقتي، ونهبوا جميع ممتلكاتي.
خلال تلك الفترة، أرسلت أبناء عمي ليأخذوا ما تبقى من أغراض المنزل، فالتقوا بأحد الجيران، فأبلغهم أنه أخذ من المنزل ثلاث جرات من أنابيب الغاز، ومنظومة طاقة مكونة من بطارية 200 أمبير، وإنفيرتر، وUPS. وعندما طلبوا منه تسليمها، رفض، ولم يرجع الأغراض لمدة سنة ونصف، بل استخدمها استخداما شخصيا دون وجه حق، ودون موافقتي أو علمي.
ومع اشتداد الحرب وازدياد النزوح، جاءت الهدنة، فطلبت منه مجددا إعادة الأغراض التي أخذها، لكنه تذرع بأن الأغراض دفنت تحت أنقاض القصف، وأنه لا يضمن شيئا.
فما الحكم الشرعي في ذلك؟ علما بأن قيمة تلك الأغراض في وقتنا الحالي تبلغ ثلاثة آلاف دولار. وهل يجب عليه ضمان ما أخذه دون إذني أو علمي من منزلي؟
وشكرا لكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز التعدي على أموال الناس وسلبها دون وجه حق، ولا يحل مال المسلم إلا بإذنه وطيب نفسه، ولو كان شيئا يسيرا، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل للرجل أن يأخذ عصا أخيه بغير طيب نفسه، وذلك لشدة ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مال المسلم على المسلم. رواه أحمد وابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني ومحققو المسند وصحيح ابن حبان.
وقال أبو الوليد بن رشد في المقدمات الممهدات: التعدي على رقاب الأموال بالأخذ لها، ينقسم على سبعة أقسام، لكل قسم منها حكم يختص به، وهي كلها محرمة بالكتاب والسنة، وإجماع الأمة؛ قال الله عز وجل: {ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}. وقال: {ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين} ... وقال صلى الله عليه وسلم خطبته المعروفة الغد من يوم النحر بمكة في حجة الوداع: ألا إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا ألا هل بلغت، ألا هل بلغت، ألا هل بلغت.
وقال صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه.
وقال صلى الله عليه وسلم: من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار. الحديث.
وقال صلى الله عليه وسلم: كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وعرضه، وماله.
وأما الإجماع، فمعلوم من دين الأمة ضرورة - أن أخذ أموال الناس، واقتطاعها بغير حق حرام، لا يحل ولا يجوز ... فأحد الأقسام السبعة: أخذ الأموال على وجه الحرابة.
والثاني: أخذها على وجه الغصب من غير حرابة.
والثالث: أخذها على وجه الاختلاس.
والرابع: أخذها على وجه السرقة.
والخامس: أخذها على وجه الخيانة.
والسادس: أخذها على وجه الإذلال.
والسابع: أخذها على وجه الجحد والاقتطاع. اهـ.
والغاصب يجب عليه رد عين المغصوب ما دامت قائمة، فإذا هلكت يرد بدلها من مثلها أو قيمتها، وراجع في ذلك الفتاوى: 46127، 141657، 270514.
والله أعلم.