السؤال
فضيلة الشيخ المحترم: لدي سؤال يحيرني وأرجو الإجابة عليه جزاكم الله خيرا، وهو: أنني ذهبت إلى مكة لتأدية العمرة، وأحرمت من الطائرة المتجهة من الرياض إلى جدة، وبعد وصولنا إلى مكة ذهبنا إلى الفندق لأخذ قسط من الراحة قبل أداء العمرة، وفي فترة مكوثي في الفندق أصبت بضيق في التنفس يصيبني عادة، وعندما يصيبني أقوم برش عطر أو طيب فأستعيد تنفسي الطبيعي، فقمت برش العطر على وسادة الفندق ولا شك أنه أصابني شيء من العطر، وكل ذلك قبل أن أتحلل من إحرامي، يا فضيلة الشيخ: ماذا علي في هذه الحالة، وهل عمرتي مقبولة، وماذا يلزمني، علما بأنني كنت أعرف حكم التطيب وأنا محرمة ولكن للضرورة استخدمته؟ شاكرة ومقدرة لكم حرصكم والله يحفظكم ويرعاكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من الطيب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي وقصته دابته فمات: لا تمسوه طيبا... وفي رواية: لا تحنطوه.
فلما منع الميت من الطيب لإحرامه فالحي أولى، ومتى تطيب المحرم فعليه الفدية هذا هو الأصل، ولم يستثن الفقهاء من هذا الأصل ما لو تداوى المحرم بالطيب أو بما له رائحة طيبة وأوجبوا عليه الفدية.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في المجموع: إذا احتاج المحرم إلى اللبس لحر أو برد... أو إلى الطيب لمرض... جاز فعله وعليه الفدية، وهذا لا خلاف فيه عندنا. انتهى.
وذهب ابن حزم إلى أنه لا شيء على المحرم إذا تداوى بطيب لضرورة، والقول الأول أحوط وأبرأ للذمة.
وعليه، فإننا نرى أنه يلزمك فدية والفدية هنا: إما صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة؛ كما في حديث كعب بن عجرة المتفق عليه، وانظري الفتوى رقم: 5292.
وعلى كل، فعمرتك صحيحة قطعا ونسأل الله أن يتقبلها منك، ولا إثم عليك ما دمت قد تطيبت للضرورة.
والله أعلم.