السؤال
ما الدليل على اشتراط تعيين النية بين أجناس الصيام المختلفة؟
على سبيل المثال: إذا كان على رجل صيام قضاء رمضان أربعة أيام، وكفارة ثلاثة أيام، ونذر مطلق ثلاثة أيام، ثم نوى من الليل صيام الواجب (الفرض) دون تحديد نوعه، بل أطلق نية الفرض، فإن ذلك لا يكفي -عند جمهور العلماء- ولا يصح فرضا، بل يقع نفلا لعدم تعيين النية.
ولا دليل على هذا الاشتراط إلا النصوص العامة، مثل الحديث: "إنما لكل امرئ ما نوى"، غير أن ذلك لا يكفي دليلا على اشتراط تعيين النية بين أنواع الصيام الواجب، فهذه الأنواع تختلف من حيث سبب الوجوب على المكلف، وليس في غير ذلك.
فمثلا:
• رمضان فرض من الله عز وجل.
• الكفارة سببها أن يلزم المكلف نفسه بها، ككفارة فدية الحلق للمحرم، أو كفارة الصيد، أو كفارة اليمين.
• النذر سببه أن يوجب المكلف على نفسه الصيام.
ولا خلاف في أن كيفية الصيام واحدة في هذه الأنواع كلها، فما يفسد به صيام قضاء رمضان، يفسد به صيام النذر والكفارة كذلك. كما أن النية تشترط من الليل لثبوت الحديث في ذلك، بخلاف النفل.
والصيام ليس كالصلاة المفروضة، فالصلوات المفروضة لها وقت محدد، وعدد ركعاتها يختلف، بينما لا يختلف صيام الفرض بأنواعه، كما سبق ذكره. وعليه، فلا معنى لاشتراط تعيين النية لصحة الصيام بين الأصناف المختلفة؛ لأنها -في حقيقتها- من جنس واحد، وهو جنس الفرض الواجب، بخلاف النفل والتطوع.
كما أن المقصود هو صيام عدد الأيام التي في ذمة المكلف، والصيام هو إمساك مع النية من الليل (في الواجب)، وهذا حاصل بنية الفرض العامة والواجب.
ولو التزمنا باشتراط تعيين النية، لكان من كان عليه صيام نصف سنة بنذر مطلق، وعليه صيام يوم واحد من رمضان، ثم صام هذه الأشهر الستة دون تعيين النية، لم يصح منه فرضا، بل يحكم على صيامه كله بأنه نفل!
ولا يخفى ما في ذلك من المشقة الظاهرة على العوام، الذين لا يعرفون إلا الفرض والسنة بالعموم، وليس لديهم معرفة بتفاصيل أبواب النيات.
كما أنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء يتعلق بتعيين النية في الصيام، فكان تركهم للسؤال دليلا على عدم وجوبها، إذ إن غلبة الظن تقتضي وقوع ذلك، ولو كان تعيين النية واجبا لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، فأين الدليل على وجوب تعيين النية؟!