السؤال
هل عمل المعصية أثناء الطاعة يبطل الطاعة؟ مثل غيبة أحد أثناء الوضوء، أو رفع صوتي على أمي أثناء الوضوء، أو أثناء الغسل؟
هل عمل المعصية أثناء الطاعة يبطل الطاعة؟ مثل غيبة أحد أثناء الوضوء، أو رفع صوتي على أمي أثناء الوضوء، أو أثناء الغسل؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغيبة أثناء الوضوء، أو بعده لا تبطله، وكذلك رفع الصوت على الأم أثناء الوضوء، أو الغسل لا يبطلهما.
جاء في المغني لابن قدامة: ولا ينقض الوضوء ما عدا الردة من الكلام من الكذب، والغيبة، والرفث، والقذف وغيرها. نص عليه أحمد.
وقال ابن المنذر: أجمع من نحفظ قوله من علماء الأمصار على أن القذف، وقول الزور، والكذب، والغيبة لا توجب طهارة، ولا تنقض وضوءا، وقد روينا عن غير واحد من الأوائل أنهم أمروا بالوضوء من الكلام الخبيث، وذلك استحباب عندنا ممن أمر به، ولا نعلم حجة توجب وضوءا في شيء من الكلام، وقد ثبت أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله. ولم يأمر في ذلك بوضوء. اهـ.
وهناك طائفة من أهل العلم يقولون باستحباب الوضوء من الغيبة، ونحوها من الكلام المحرم، لكن لا يجب ذلك.
قال النووي في المجموع: الصحيح، أو الصواب استحباب الوضوء الشرعي من الكلام القبيح، -كالغيبة والنميمة، والكذب، والقذف، وقول الزور، والفحش، وأشباهها-... إلى أن قال: أجمع العلماء على أنه لا يجب الوضوء من الكلام القبيح، -كالغيبة، والقذف، وقول الزور، وغيرها-. اهـ.
وراجع مبطلات الوضوء والغسل في الفتويين: 1795، 68010.
أما ثواب الوضوء، فإنه ينقص بما يقع فيه من المعصية -كالكلام المحرم مثل الغيبة- وللإمام ابن القيم كلام نفيس في هذا المجال، تقدم ذكره في الفتوى:180787.
مع التنبيه على حرمة رفع الصوت على الأم، ونحو ذلك من كل تصرف قولي أو فعلي يؤذيها، فقد قال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما [الإسراء: 23].
كما أن الغيبة محرمة شرعا، فيجب الابتعاد عنها، وراجع المزيد عن هذا الموضوع في الفتوى: 292405.
والله أعلم.