السؤال
القاعدة الفقهية تقول: الخاص مقدم على العام، وكما في الحديث الذي يقول: توضؤوا مما مسته النار، والحديث الثاني: من أكل لحم جزور فليتوضأ. إذن الخاص مقدم على العام ولكن هناك حديثان هما: المسبل إزاره في النار، والثاني يقول: إن الله لا ينظر إلى من جر ثوبه بطرا أي خيلاء، فلماذا لا تستعمل هذه القاعدة هنا. لأني سألت الشيخ ابن باز، فقال: إنه للخيلاء وعدم الخيلاء. فما رأيكم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن القواعد الأصولية: أن الدليلين إذا أمكن الجمع بينهما بالتخصيص أو التقييد أو غير ذلك وجب المصير إليه. فالعام يحمل على الخاص، والمطلق يحمل على المقيد، والمجمل يحمل على المبين....
ولكن حديثي الوضوء مما مسته النار، والوضوء من أكل لحم الجزور ليسا من هذا القبيل، لأن لحم الجزور ينقض الوضوء عند القائلين به سواء كان نيئا أم مطبوخا. وكنا قد بينا ذلك في فتاوى سابقة، فراجع فيه الفتوى رقم: 2062.
وأما الوضوء مما مسته النار، فقد صح الأمر به من حديث مسلم وغيره أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: توضؤوا مما مست النار. ولكن العمل به ترك، إما لكونه نسخ، أو لكون المقصود به غسل الفم والكفين لا الوضوء الشرعي. قال النووي في شرح صحيح مسلم: وأجابوا ـ يعني جمهور العلماء ـ عن حديث الوضوء مما مست النار بجوابين، أحدهما: أنه منسوخ بحديث جابر رضي الله عنه قال: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار، وهو حديث صحيح. والجواب الثاني: أن المراد بالوضوء غسل الوجه والكفين.
وأما ما أردته من حمل عموم النهي في حديث الإسبال على قصد الخيلاء الوارد في الحديث الثاني فلا يصح، لورود الأحاديث المصرحة برفع الجناح عما كان بين نصف الساق وبين الكعبين، وبأن ما كان أسفل من ذلك ففي النار، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 3900، وبها تعلم صحة ما أفتاك به الشيخ ابن باز رحمه الله رحمة واسعة.
والله أعلم.