السؤال
أريد شرح هذا الحديث ملخصا في نقاط وباختصار شديد (حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نحن أحق بالشك من إبراهيم إذ قال رب أرني كيف تحي الموتى قال أو لم تؤمن قال: بلى ولكن ليطمئن قلبي، ويرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن طول ما لبث يوسف لأجبت الداعي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد قال السيوطي في شرح صحيح مسلم: نحن أحق بالشك من إبراهيم معناه أن الشك يستحيل في حق إبراهيم فإن الشك في إحياء الموتى لو كان متطرقا إلى الأنبياء لكنت أنا أحق به من إبراهيم، وقد علمتم أني لم أشك فاعلموا أن إبراهيم لم يشك وإنما خص إبراهيم لكون الآية قد يسبق منها إلى بعض الأذهان الفاسدة احتمال الشك، وإنما رجح إبراهيم على نفسه تواضعا وأدبا أو قبل أن يعلم أنه خير ولد آدم، وقال صاحب التحرير: يقع لي فيه معنيان أحدهما: أنه خرج مخرج العادة في الخطاب فإن من أراد المدافعة عن إنسان قال للمتكلم فيه ما كنت قائلا لفلان أو فاعلا فيه من مكروه فقله لي وافعله معي ومقصوده لا تقل ذلك، والثاني: أن معناه هذا الذي تظنونه شكا أنا أولى به فإنه ليس بشك وإنما طلب لمزيد اليقين، وقال: قوم لما نزل قوله تعالى أو لم تؤمن، قالت طائفة شك إبراهيم ولم يشك نبينا فقال ذلك.
ويرحم الله لوطا كان يأوي إلى ركن شديد، هو الله جل جلاله، فإنه أشد الأركان وأمنعها وأقواها، قال ذلك صلى الله عليه و سلم تعريضا بقول لوط لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد أي لمنعتكم، قال النووي: قصد لوط بذلك إظهار العذر عند أضيافه وأنه لو استطاع دفع المكروه عنهم بطريق ما لفعله، ولم يكن ذلك منه إعراضا عن الاعتماد على الله تعالى، قال: ويجوز أن يكون نسي الالتجاء إلى الله في حمايتهم، ويجوز أن يكون التجأ فيما بينه وبين الله تعالى وأظهر للأضياف التألم وضيق الصدر.
ولو لبثت إلى آخره هو ثناء على يوسف وبيان لصبره وتأنيه إذ قال لرسول الملك لما جاءه ليخرجه ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة فلم يبادر بالخروج من السجن بعد طول لبثه فيه بل تثبت وأرسل الملك في كشف أمره الذي سجن بسببه لتظهر براءته مما نسب إليه، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما قال تواضعا وإيثارا للأبلغ في بيان كمال فضيلة يوسف.
والله أعلم.