حكم الاقتداء بإمام لا يسجد على أنفه

0 313

السؤال

ما حكم الصلاة خلف إمام يضع جبهته فقط على الأرض عند السجود ولا يضع أنفه مع العلم أنه سبق وأن تم تنبيهه بضرورة وضع الأنف على الأرض ولم يستجب ولا زال مصرا" على رأيه وهو شيخ كبير في السن وثقافته وعلمه الديني محدود .ماذا يجب علينا عمله معه وكذلك ما الحكم في الصلوات السابقة معه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد ذهب جمهور أهل العلم رحمهم الله تعالى إلى أنه يجزئ السجود على الجبهة دون الأنف خلافا لمعتمد الحنابلة القائلين بعدم إجزاء السجود على الجبهة دون الأنف مع القدرة على السجود عليهما.

قال البهوتي في كشاف القناع :( والسجود بالمصلي على هذه الأعضاء ) السبعة : الجبهة , واليدين , والركبتين , والقدمين ( مع الأنف : ركن مع القدرة ) لما روى ابن عباس مرفوعا  أمرت أن أسجد على سبعة أعظم , على الجبهة , وأشار بيده إلى أنفه واليدين , والركبتين , وأطراف القدمين  متفق عليه ,

وبهذا تبين أن في المسألة خلافا بين أهل العلم ولكن المشكلة تكمن في أمر آخر، وهو هل يجوز للشخص أن يقتدي بمن يراه يفعل ما يعتقد بطلان الصلاة به أم لا.

والجواب أن في هذه المسألة خلافا ذكره شيخ الإسلام رحمه الله في الفتاوي ورجح الجواز فقال رحمه الله ( وبالجملة فهذه المسائل لها صورتان 

إحداهما: أن لا يعرف المأموم أن إمامه فعل ما يبطل الصلاة فهنا يصلي المأموم خلفه باتفاق السلف والأئمة الأربعة وغيرهم وليس في هذا خلاف متقدم وانما خالف بعض المتعصبين من المتأخرين فزعم أن الصلاة خلف الحنفي لا تصح وإن أتى بالواجبات لأنه أداها وهو لا يعتقد وجوبها وقائل هذا القول إلى أن يستتاب كما يستتاب أهل البدع أحوج منه إلى أن يعتد بخلافه فانه ما زال المسلمون على عهد النبى وعهد خلفائه يصلى بعضهم ببعض وأكثر الأئمة لا يميزون بين المفروض والمسنون بل يصلون الصلاة الشرعية ولو كان العلم بهذا واجبا لبطلت صلوات أكثر المسلمين ولم يمكن الاحتياط فان كثيرا من ذلك فيه نزاع وأدلة ذلك خفية وأكثر ما يمكن المتدين أن يحتاط من الخلاف وهو لا يجزم بأحد القولين فان كان الجزم بأحدهما واجبا فأكثر الخلق لا يمكنهم الجزم بذلك وهذا القائل نفسه ليس معه إلا تقليد بعض الفقهاء ولو طولب بأدلة شرعية تدل على صحة قول إمامه دون غيره لعجز عن ذلك ولهذا لا يعتد بخلاف مثل هذا فإنه ليس من أهل الاجتهاد 

 الصورة الثانية: أن يتيقن المأموم أن الإمام فعل ما لا يسوغ عنده مثل أن يمس ذكره أو النساء لشهوة أو يحتجم أو يفتصد أو يتقيأ ثم يصلي بلا وضوء فهذه الصورة فيها نزاع مشهور 

 فأحد القولين: لا تصح صلاة المأموم لأنه يعتقد بطلان صلاة إمامه كما قال ذلك من قاله من أصحاب أبي حنيفة والشافعي وأحمد

 والقول الثانى: تصح صلاة المأموم وهو قول جمهور السلف وهو مذهب مالك وهو القول الآخر فى مذهب الشافعى وأحمد بل وأبى حنيفة وأكثر نصوص أحمد على هذا وهذا هو الصواب لما ثبت فى الصحيح وغيره عن النبى أنه قال يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وان أخطأوا فلكم وعليهم فقد بين أن خطأ الامام لا يتعدى إلى المأموم ولأن المأموم يعتقد أن ما فعله الإمام سائغ له وأنه لا إثم عليه فيما فعل فإنه مجتهد أو مقلد مجتهد وهو يعلم أن هذا قد غفر الله له خطأه فهو يعتقد صحة صلاته وأنه لا يأثم إذا لم يعدها بل لو حكم بمثل هذا لم يجز له نقض حكمه بل كان ينفذه وإذا كان الإمام قد فعل باجتهاده فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها والمأموم قد فعل ما وجب عليه كانت صلاة كل منهما صحيحة وكان كل منهما قد أدى ما يجب عليه وقد حصلت موافقة الإمام في الأفعال الظاهرة   وقول القائل إن المأموم يعتقد بطلان صلاة الإمام خطأ منه فإن المأموم يعتقد أن الإمام فعل ما وجب عليه وأن الله قد غفر له ما أخطأ فيه وأنه لا تبطل صلاته لأجل ذلك   ولو أخطأ الإمام والمأموم فسلم الإمام خطأ واعتقد المأموم جواز متابعته فسلم كما سلم المسلمون خلف النبي لما سلم من اثنتين سهوا مع علمهم بأنه إنما صلى ركعتين وكما لو صلى خمسا سهوا فصلوا خلفه خمسا كما صلى الصحابة خلف النبي لما صلى بهم خمسا فتابعوه مع علمهم بأنه صلى خمسا لاعتقادهم جواز ذلك فإنه تصح صلاة المأموم في هذه الحال فكيف إذا كان المخطىء هو الإمام وحده وقد اتفقوا كلهم على أن الإمام لو سلم خطأ لم تبطل صلاة المأموم إذا لم يتابعه ولو صلى خمسا لم تبطل صلاة المأموم إذا لم يتابعه فدل ذلك على أن ما فعله الإمام خطأ لا يلزم فيه بطلان صلاة المأموم.

والله أعلم 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة