السؤال
السؤال حول تفسير وصحة الحديث الشريف :أتاني الليلة ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت لا فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السموات وما في الأرض فقال: يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت: نعم في الكفارات والدرجات والكفارات: المكث في المساجد بعد الصلوات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في المكاره قال: صدقت يا محمد! ومن فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه وقال: يا محمد إذا صليت فقل اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وتتوب علي وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون والدرجات: إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام. التخريج صـحـيـحالمرجع صحيح الجامع الصغيرتخريج السيوطي (عب حم عبد بن حميد ت) عن ابن عباس. تحقيق الألباني (صحيح) انظر حديث رقم: 59 في صحيح الجامع.جزاكم الله عنا كل خير .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا الإتيان كان في المنام كما رجحه ابن كثير وتابعه المباركفوري في شرح الترمذي، ويدل ما في إحدى الروايات من التصريح بما يفيد ذلك
قوله: فيم يختصم الملأ الأعلى؟ يعني: في أي شيء يختصم أي يبحث. الملأ الأعلى هم الملائكة المقربون، وصفوا بالعلو لعلو مكانتهم عند الله أو لعلو مكانهم، واختصامهم إما عبارة عن تبادرهم إلى إثبات تلك الأعمال والصعود بها إلى السماء، وإما عبارة عن حوارهم في فضلها وشرفها، وإما عن اغتباطهم الناس بتلك الفضائل لاختصاصهم بها وتفضيلهم على الملائكة بسببها.
قوله: فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السماوات وما في الأرض، يعني: أنه وضع الله يده بين كتفي الرسول حتى أحس بردها في صدره بين ثدييه، فحصل عنده بسبب ذلك علم ما في السماوات والأرض، ومن ذلك علم ما كان يجهله من جواب السؤال، فلما أعاد الله السؤال ثانية أجاب بأنهم يختصمون في الكفارات والدرجات، ثم وضح الكفارات بأنها المكث أي اللبث في المساجد، وإسباغ الوضوء أي إكماله في المكاره، أي في شدة البرد. ومن فعل ذلك عاش بخير ومات، أي حيي حياة طيبة سعيدة ومات عليها.
قوله: وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه، يعني: أنه يصير مبرأ من الخطايا والذنوب كما كان مبرأ يوم مولده، وذلك لأن الأعمال تكفر عنه السيئات.
قوله: إذا صليت، يعني إذا فرغت من الصلاة، والخيرات هي ما عرف من الشرع من الأقوال الحميدة والأفعال السعيدة، والمنكرات هي ما أنكره الشرع من الأفعال السيئة والأقوال القبيحة.
قوله: إذا أردت بعبادك فتنة، أي عقوبة دنيوية أو ضلالة. فاقبضني، أي توفني، غير مفتون، أي غير معاقب، ثم وضح الدرجات بأنها: إفشاء السلام، أي بذله على جميع من لقيه سواء عرفه أو لم يعرفه، وإطعام الناس الطعام إحسانا إليهم، وإعانة لهم، والصلاة بالليل، يعني صلاة القيام في حال نوم الناس.
واعلم أن الحديث صحيح، كما قال الشيخ الألباني، وقد ذكر الترمذي في كلامه على إحدى رواياته أنه سأل الإمام البخاري عنه فقال: هذا حديث حسن صحيح، وقد رواه الإمام أحمد ووثق الهيثمي في المجمع رجال أحمد.
وراجع لمعرفة المزيد من فضائل الأعمال المذكورة الفتاوى التالية أرقامها: 2115، 21500، 27584، 46168، 42715، 18888.
والله أعلم.