السؤال
ما رأي الدين في الصلاة خلف رجل يكذب ويعترف بكذبه لمصلحة وقال أنا لو لم أكذب ما حصلت على هذا الشيء هذا جانب من السؤال.
الجانب الثاني: أنه مكلف من قبل جماعة قليلة بجوار المسجد ويزعمون أنهم هم أصحاب القرار في كل شيء أن يخطب بهم الجمعة على هواهم وعلى حسب ما يأمرونه يفعل دون تردد ودون أن يناقشهم بأن هذا خطأ أم صواب أي أنه مسلوب الإرادة أمامهم وهذا يغضب الكثير من الناس الذين يصلون خلفه مضطرين لعدم وجود مسجد آخر قريب يصلون فيه بدلا منه.أفيدونا أفادكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالكذب خصلة ذميمة، وعمل قبيح محرم، وهو من صفات المنافقين، وسبيل للفجور، كما قال صلى الله عليه وسلم: إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا. رواه البخاري ومسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه، فلا يجوز للمسلم أن يقدم عليه إماما كان أو غيره، إلا أن صدوره من الذي يؤم الناس أقبح وأشنع، ولا يعذر فاعله إلا إذا صدر منه لمصلحة شرعية معتبرة، أو تعين ضرر سيلحقه ونحو ذلك مما فصلنا في الفتوى رقم: 39152.
وأما الجانب الثاني من السؤال فجوابه هو: أنه لا ينبغي لهذا الإمام أن يكون آلة في يد غيره يوجهه كيف شاء، سواء كان ذلك فيما يتعلق بالخطبة أو الصلاة أو غيرهما، وهذا في حالة ما إذا كان ما يأمره به هؤلاء الناس لا يترتب عليه ترك واجب أو فعل محرم؛ وإلا حرم عليه الاستجابة لهم.
وأما الصلاة خلفه، فإن كان غير معذور في كذبه واستجابته لهؤلاء الناس في مطالبهم، فإنه يكون بذلك فاسقا، والصلاة خلف الرجل الفاسق مكروهة عند الفقهاء مع إجزائها، فقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يصلي خلف الحجاج، ومن كان من الصحابة في ولاية زياد وابنه كانوا يصلون خلفهما.
قال ابن قدامة: فصار هذا إجماعا. لكن إذا وجد إمام غيره ولو أقل منه قراءة وعلما فهو أولى بالصلاة خلفه من ذلك الفاسق. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن كان أحدهما فاجرا مثل أن يكون معروفا بالكذب والخيانة، ونحو ذلك من أسباب الفسوق، والآخر مؤمنا من أهل التقوى، فهذا الثاني أولى بالإمامة إذا كان من أهلها، وإن كان الأول أقرأ وأعلم، فإن الصلاة خلف الفاسق منهي عنها نهي تحريم عند بعض العلماء، ونهي تنزيه عند بعضهم... ولا يجوز تولية الفاسق مع إمكان تولية البر.
والله أعلم.