الخوض في القدر يقود إلى الحرمان

0 329

السؤال

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أرحم من الأم على ابنها، ولكن في القرآن آية تقول (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك)، وإن لهب النار لا ينطفئ، ولكن لا يوجد أم تبقى تعذب ابنها إلى مدى الحياة أو إلى ما لا نهاية أولا أشكر الله أن خلقني مسلما، ولكن لماذا خلق المشركين كفارا، كان بإمكانه أن يخلقهم مسلمين.... وأسألك بصراحة لو ولدت من أم مسيحية وأب مسيحي وكل أقربائك مشركين هل ستكون مسلما، وهذه الوسوسة تلحق بي، فأرجو أن تساعدوني؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان، والقدر من الغيب الذي كتمه الله عز وجل عن خلقه، والإيمان به مبناه على التسليم لله تعالى، واعتقاد أنه سبحانه لا يفعل شيئا إلا عن علم تام وحكمة بالغة.

ولعل من المناسب أن ننقل هنا ما ذكره الطحاوي في عقيدته في هذا الباب حيث قال: وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يطلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل، والتعمق والنظر في ذلك ذريعة الخذلان، وسلم الحرمان، ودرجة الطغيان. فالحذر كل الحذر نظرا ووسوسة فإن الله تعالى طوى علم القدر عن أنامه، ونهاهم عن مرامه كما قال تعالى في كتابه: لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. فمن سأل لم فعل، فقد رد حكم الكتاب، ومن رد حكم الكتاب كان من الكافرين. انتهى.

ويكفي المسلم أن يؤمن بأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وما أصابه لم يكن ليخطئه، وأن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوه بشيء لم ينفعوه إلا بشيء قد كتبه الله له، ولو اجتمعت على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه.

وقد نص بعض أهل العلم على أن القدر على مراتب أربع: الأولى: العلم. الثانية: الكتابة. الثالثة: المشيئة. الرابعة: الخلق.

وما وراء ذلك فهو سر القدر فلا يكشف، فلا يقال: لماذا أضل هذا وهدى هذا، أو أغنى هذا وأفقر هذا... ونحو ذلك، فإن السؤال عن ذلك وطلب البحث فيه مزلة أقدام، ومضلة أفهام، فالواجب الحذر منه، ودفع ما قد يطرأ على القلب من وساوس وشبهات، وأن يستعاذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، وأن يقول: آمنت بالله. وبذلك يسلم العبد وينجو، ونرجو مراجعة الفتاوى: 20434، 2847، 9192، 8652.

أما قولك: لو ولد الشخص من أبوين مسيحيين؟ فالجواب عنه: أن الإسلام لا يربط بين معتنقه وبين ذويه، فكل من أتى بأركان الإسلام فهو مسلم له ما للمسلمين وعليه ما عليهم، ولو كان أبواه كافرين. قال صلى الله عليه وسلم: من شهد أن لا إله إلا الله واستقبل قبلتنا وصلى صلاتنا وأكل ذبيحتنا فهو المسلم له ما للمسلم وعليه ما على المسلم. رواه البخاري، ولمزيد الفائدة تراجع الفتوى رقم: 5935.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة