السؤال
ما صحة هذا الحديث: "خير الناس العرب وخير العرب قريش وخير قريش بني هاشم وخير بني هاشم أنا" أعتقد هكذا روايته أو كما قال رسول الله هذا الحديث دائما يردده خطيبنا في خطبة الجمعة وأنا مستغرب من هذا الحدبث الذى يقابله قول الله تعالى: أن أكرمكم عند الله أتقاكم، وقوله صلى الله عليه وسلم لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى، أرجو إفادتي؟ وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن هذا الحديث أخرجه الديلمي في مسند الفردوس بلفظ: خير الناس العرب وخير العرب قريش، وخير قريش بنو هاشم، وخير العجم فارس وخير السودان النوبة. وقال الشوكاني في الفوائد المجموعة: هو موضوع وفي إسناده مجهولون.
ولكنه يشهد لتفضيل النبي صلى الله عليه وسلم وتفضيل قريش وبني هاشم ما في صحيح مسلم من حديث واثلة بن الأسقع قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم. وقد سبق أن بينا أحاديث في فضل العرب في الفتوى رقم: 47559.
وقد ذكر شيخ الإسلام في منهاج السنة أن أهل السنة والجماعة يقولون بنو هاشم أفضل قريش وقريش أفضل العرب والعرب أفضل بني آدم، وهذا هو المنقول عن أئمة السنة كما ذكره حرب الكرماني عمن لقيهم مثل أحمد وإسحاق وسعيد بن منصور وعبد الله بن الزبير الحميدي وغيرهم، وذهبت طائفة إلى منع التفضيل بذلك كما ذكره القاضي أبو بكر والقاضي أبو يعلى في المعتمد وغيرهما.
والأول أصح، فإنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال: إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى هاشما من قريش واصطفاني من بني هاشم. انتهى.
وقال في اقتضاء الصراط المستقيم: واعلم أن الأحاديث في فضل قريش ثم في فضل بني هاشم فيها كثرة وليس هذا موضعها وهي تدل أيضا على ذلك إذ نسبة قريش إلى العرب كنسبة العرب إلى الناس، وهكذا جاءت الشريعة كما سنومئ إلى بعضه.
فإن الله تعالى خص العرب ولسانهم بأحكام تميزوا بها، ثم خص قريشا على سائر العرب بما جعل فيهم من خلافة النبوة وغير ذلك من الخصائص، ثم خص بني هاشم بتحريم الصدقة واستحقاق قسط من الفيء إلى غير ذلك من الخصائص فأعطى الله سبحانه كل درجة من الفضل بحسبها والله عليم حكيم. انتهى.
ولا يعارض هذا ما دلت عليه نصوص الوحي من تفضيل أهل التقوى، فإن أتقياء العرب وقريش وبني هاشم أفضل من أتقياء غيرهم إذا تساوى الجمع في درجة التقوى، وأما الكفار والفجار منهم، فإنهم لا يساوون شيئا بالنسبة لأتقياء المسلمين، فإن الكفار هم شر الدواب عند الله كما تدل عليه الآية: إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يؤمنون {الأنفال:55}، فليس للعرب والآل فضل بمجرد النسب، وإنما الفضل بالتقوى، ولهذا فإن أبا بكر وعمر وعثمان أفضل من بني هاشم وسلمان الفارسي وبلال الحبشي أفضل من القرشيين الذين أسلموا عام فتح مكة باتفاق أهل السنة.
وقد روى ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم فتح مكة فقال: يا أيها الناس إن الله قد أذهب عنكم عبية الجاهلية وتعاظمها بآبائها فالناس رجلان بر تقي كريم على الله، وفاجر شقي هين على الله، والناس بنو آدم وخلق الله آدم من تراب قال الله: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير. رواه الترمذي وصححه الألباني.
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق خطبة الوادع فقال: يا أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم. رواه البيهقي، وقال الألباني في صحيح الترغيب: صحيح لغيره، وللمزيد في الموضوع راجع كتب التفسير وشروح الحديث، وراجع الفتاوى ذات الأرقام التالية: 30143، 31866، 35973.
والله أعلم.