السؤال
بسم الله الرحمن الرحيمسأل أحد أصدقائي بقوله: أليس الله بالعدل وأنه كما ورد في الأحاديث " أنه أرحم بعباده من الأم بولدها "، فقلت: له بلى، فهذه الأحاديث صحيحة ومنها المتفق عليه، قال ما قولك في: في تخليد غير المؤمنين في عذاب جهنم أبد الآبدين، مع أن مدتهم في الحياة التي قضوها لا تساوي شيئا بالنسبة لدوام العذاب، فالتخليد في النار لا يعادل مدة مكث أول إنسان على سطح الأرض حتى قيام الساعة، فقلت له: إن عقيدة المؤمن ثابتة بأنه الله متصف بالكمال المطلق في العدل والحق، ومن شك في ذلك فقد كفر بالإجماع، قال: أنا أريد إزالة وسوسة الشيطان فهو في كثير من الأحيان يلوح لي بهذه الأفكار "الخلود في النار وأنه ليس بعدل"؟ جزاكم الله خيرا وأنا في انتظار الرد الشافي عسى صديقي أن يقتنع.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما اتفق عليه أصحاب العقول السليمة أن تصرف المالك في ملكه يسمى عدلا، وأن الله تعالى أعدل من ملك فلا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه، ولا يسأل عما يفعل وهو أرحم الراحمين، ولم يخلق الله عباده ليعذبهم، قال تعالى: ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما {النساء:147}، وإنما خلق الخلق ليعبدوه، قال تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون {الذاريات:56}، وفطرهم سبحانه على التوحيد وبين لهم السبيل وأرسل إليهم: رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل {النساء:165}.
ولم يؤاخذهم سبحانه قبل قيام الحجة عليهم، وقبل تبين الحق وظهوره، قال تعالى: وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون {التوبة:115}، فإن انحرف الإنسان عما يخلق من أجله وأبى إلا الشرك والكفر استحق العقاب على شركه وانحرافه بالتخليد في نار جهنم، وهم لو عاشوا في الدنيا أبد الأباد لما تحولوا عن كفرهم فاستحقوا أن يخلدوا في العذاب، قال تعالى: ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون {الأنعام:28}.
فالواجب عليك أن تنصح صديقك بأن يحسن الظن بالله، وأن يعلم أن الله لا يظلم مثقال ذرة، وأن يعلم أن سبيل المعرفة في الغيبيات هو الكتاب والسنة لا العقليات، فمن عدل عنهما ضل وتاه في الحيرة، وقد نهى أهل العلم عن الخوض في مثل هذه المسائل لأنها تورث الشك.
والله أعلم.