السؤال
أعطيت مالا لأحد الأشخاص نظير أن يقوم بمساعدتي في توفير فرصة عمل لي في إحدى الدول العربية ولكنه أخذ يماطلني ويؤخرني وعندما سألته عن أموالي وماذا فعل بها قال إنه أنفقها كلها وأنه لا يجب علي أن أسأله وأحاسبه باعتبار أنه في سن والدي الآن أنا لا أتقبل محادثة هذا الشخص وأشعر بنفور شديد ناحيته (أنا أكرهه كرها شديدا الآن)هل يدخل ذلك تحت إطار أنه مسلم ولا يجب علي أن أقاطعه فوق ثلاثة أيام؟ وهل يجوز لي أن أدعو عليه؟ وإن سامحته وفوضت أمري لله هل تعتبر مسامحتي له؟ مع العلم أنني لن أتحدث إليه ثانية نوعا من الضعف؟
أفيدوني أفادكم الله.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عن السؤال نريد أولا أن ننبهك إلى أن إعطاء المال للمساعدة في توفير فرصة عمل إذا كان مقابل جهود يبذلها الشخص فلا حرج فيه، وإن كان هذا الشخص لا يبذل إلا جاهه فلا يجوز أن يدفع له شيء في مقابل ذلك، وراجع في أحكام ثمن الجاه فتوانا رقم: 9559.
واعلم أن هجر المسلم فوق ثلاثة أيام لا يباح، روى الشيخان من حديث أبي أيوب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرف هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
وقال ابن حجر في فتح الباري عند شرح هذا الحديث: قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه لا يجوز الهجران فوق ثلاث إلا لمن خاف من مكالمته ما يفسد عليه دينه أو يدخل منه على نفس أو دنياه مضرة، فإن كان كذلك جاز، ورب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية... وفيه قبل هذا: قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام ورده...
وعليه، فإن كان هذا الشخص لا يسبب لك فسادا في دينك ولا تخشى منه مضرة على نفسك أو دنياك، فإن مجرد كرهك له لا يبيح لك أن تهجره فوق ثلاث ليال، وإذا كنت تسلم عليه إذا لقيته فإن نفورك من محادثته لا يعد هجرا، والأحسن أن تسأله عن حاله ولو كنت تكرهه، فإن في ذلك إرغاما للشيطان.
وقد أباح العلماء الدعاء على الظالم لما ثبت من ذلك عن الصحابة رضي الله عنهم، وراجع في الفتوى رقم: 20322.
وعليه، فإذا كان الرجل المذكور قد ظلمك فلا حرج عليك في الدعاء عليه، ولكن الصبر على ظلمه والصفح عنه أفضل، قال تعالى: ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور {الشورى: 43}.
وبذلك تعلم أن مسامحته وتفويضك الأمر إلى الله لا يعتبر نوعا من الضعف، بل هو نوع قوة لأنه انتصار على أعتى الأعداء وهو إبليس عليه لعنة الله.
والله أعلم.