السؤال
باختصار شديد أنا أعمل في صالة قمار كمراقب على طريقة سير اللعب مع الزبائن. وأنا منذ فترة أشعر بالضيق والهم بسبب هذا العمل، وللعلم فليس لي مورد رزق آخر بجانب أنني مديون بأموال كثيرة ويتطلب سدادها حوالي العام ونصف العام. ولكني أدعو الله دائما بأن يرزقني رزقا حلالا. وأيضا فانا لا أواظب على الصلاة بسبب شعوري بالضيق من عملي وفي نفس الوقت لاعتقادي بأنني أنافق الله في صلاتي. فكيف أصلي وفي نفس الوقت عملي كله حرام . أنا أكثر من دعاء لله بأن يرزقني بعمل حلال ومال حلال والمشكلة الآن ماذا أفعل وليس لي عمل آخر بجانب صعوبة الحصول على عمل آخر نظرا للظروف الاقتصادية وأيضا قلة الأعمال الشاغرة وأايضا مديوناتي التي تزيد على 25000 جنيه . أرجو أن تدلوني على الطريق الصحيح وأايضا أن تدلوني على ماذا يجب أن أفعله في عملي : هل أتركة وأنا مديون أم ماذا؟ وماذا عن الصلاة هل لو أديت الفروض كاملة ستقبل مني أم ماذا؟ ملحوظة: لقد تركت هذا العمل لمدة سنتين 2000 إلى 2002 و لكن والله كل ما وجدته من عمل لا أستطيع أن أسدد ديوني من خلال المرتب الضئيل جدا وغير ذلك أفديوني؟ زادت علي لأنني لم أكن أسددها. واضطررت إلى العودة مرة أخرى إلى هذا العمل الحرام كي أستطيع أن أسدد الديون وأيضا لأن هذا كان هو المتوفر أمامي بالله عليكم دلوني على الطريق الصحيح والذي يشرعه الله سبحانه وتعالى ولكم أطيب التحيات وبارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أيها الأخ السائل أن تضييعك للصلاة أعظم إثما وأكبر جرما من العمل في صالة القمار هذه -على أنه هو الآخر ذنب كبير- ذلك أن تارك الصلاة متردد بين الكفر والفسق العظيم، وفي الحديث: بين الرجل والكفر ترك الصلاة. وراجع أقوال العلماء في حكم تارك الصلاة في الفتوى رقم: 1145.
وأما العمل في صالة القمار فلا شك في حرمته ولكن لا يرقى إلى الكفر، وننبهك إلى شيء مهم وهو أن المسلم وإن تلبس بمعصية أو كبيرة لا يحل له ترك الصلاة لصدور ذلك منه، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له: إن فلانا يصلي الليل كله فإذا أصبح سرق، فقال:سينهاه . رواه أحمد باسناد صحيح. ولا يغرنك ما اشتهر على ألسنة الناس من قولهم: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا .. فإنه حديث لا يصح، وقد حكم عليه المحدث الألباني أنه حديث باطل كما في السلسلة الضعيفة له. نعم من شأن الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر لقوله تعالى: إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر {العنكبوت: 45}. لكن من صلى وارتكب فاحشة فقد خلط عملا صالحا وآخر سيئا، فإذا غلبت سيئاته حسناته هلك إلا أن يشاء الله.
واعلم أن الذي يحبط الحسنات هو الشرك، كما قال تعالى: لئن أشركت ليحبطن عملك {الزمر: 65}. فالذي يجب عليك فعله الآن هو المحافظة التامة على صلاتك فإنها إن صلحت صلح سائر العمل وان فسدت فسد سائر العمل، ثم عليك ترك العمل في هذه الصالة، وأما دينك فإنه لا يجب عليك الاكتساب من الحرام كي تسدده.
واعلم أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه، واسمع إلى ربك يقول: ومن يتق الله يجعل له مخرجا *ويرزقه من حيث لا يحتسب {الطلاق:2ـ 3}. والمهم أن تصدق النية وأن تعمل بالأسباب، وادع الله موقنا وانتظر الفرج ولا تستعجل في الإجابة، وفي الحديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يستجاب لأحدكم مالم يعجل، فيقول: قد دعوت فلم يستجب لي. رواه مسلم.
والله أعلم.