وجود الله تعالى والغاية من الخلق

0 385

السؤال

وكي لا أطيل عليكم سأدخل في صلب الموضوع، بعد تفكير دام فترة السنوات الستة الأخيرة، حول لم يريدنا الله أن نعبده ولم خلقنا في الأساس (وهنا لا أتحدث عن لم خلقنا الله يعني ما دورنا في الحياة -أنا هنا أتحدث عن لم خلقنا؟ أي سبب الله من الخلق أي ما هو هدف الله في خلقنا)، المهم توصلت في النهاية إلى الآتي:
يستحيل إثبات وجود الله إثباتا قاطعا، لم يذكر الله سببا وجيها لكي نعبده، والخلاصة هي: لا يمكنني أن أعبد الله محبة فيه ولا إيمانا قاطعا بوجوده بل فقط، مرغمة على فعل ذلك (مخافة العقاب)، والسؤال الآن هو: هل عبادتي على هذا النحو ستجيرني من العقاب؟ وشكرا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالله نسأل أن يشرح صدرك للإيمان وأن ينزع الشك من قلبك، أما قولك: لم خلقنا الله؟ فقد أجاب الله سبحانه في كتابه، فقال تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون* ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون {الذاريات:56-57}، وقال تعالى: الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا وهو العزيز الغفور {الملك:2}، وقال تعالى: إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا* إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا {الإنسان:3}، وقال تعالى: أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون* فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم {المؤمنون:116}، ولمزيد من التفصيل راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 17543، 31767، 56985.

أما قولك لا نستطيع إثبات وجود الله تعالى فخطأ ظاهر؛ لأن وجود الله ومحبته وتعظيمه مما فطر الله عليه عباده وذلك مما أجمع عليه العقلاء ولم ينكره إلا من شذ من أهل الإلحاد والشهوات عنادا وتكبرا، قال الله تعالى: وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين {النمل:14}، وقال تعالى: فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون {الأنعام:33}، وقال تعالى: ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين* بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون {الأنعام:27-28}، قال ابن كثير: ظهر لهم ما كانوا يعلمونه من أنفسهم من صدق ما جاءتهم به الرسل في الدنيا وإن كانوا يظهرون لأتباعهم خلافه كقوله مخبرا عن موسى أنه قال لفرعون: لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر. انتهى، ولمعرفة دلائل وجود الله العقلية والنقلية، راجعي الفتوى ذات الأقام: 48913.

واعلمي أن عبادة الله مع الشك في وجود الله مع تمكن ذلك من القلب لا تنفع فاعلها ولا تنجيه من عذاب الله، لأن تمكن الشك من القلب ينقض عقد الإسلام، لأنه ينافي قول القلب وهو الاعتقاد فيجب عليك التوبة والاستغفار، وتجديد إيمانك، وعبادة الله على بصيرة حبا في ثوابه وخوفا من عقابه، وراجعي الفتوى رقم: 47961.

كما ننصحك بقراءة كتاب الله بتدبر وبالتأمل في آيات الله قال ابن قيم الجوزية: وهذا لا يستمر شكه إلا إذا ألزم الإعراض عن النظر في آيات صدق الرسول صلى الله عليه وسلم جملة فلا يسمعها ولا يلتفت إليها، وأما مع التفاته إليها ونظره فيها فإنه لا يبقى معه شك؛ لأنها مستلزمة للصدق ولا سيما بمجموعها، فإن دلالتها على الصدق كدلالة الشمس على النهار. انتهى.

ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الكتب التالية: كتاب التوحيد وكتاب الإيمان لعبد المجيد الزنداني، الإيمان والحياة للقرضاوي، العقيدة في الله للأشقر، العلم يدعو إلى الإيمان لوحيد خان، وقصة الإيمان لنديم الجسر.

والله أعلم.     

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة