السؤال
جاء في حديث صحيح"أيما رجل آتاه الله تعالى علما فكتمه ألجمه الله تعالى يوم القيامة بلجام من نار" وفي حديث آخر " من سئل عن علم فكتمه..." وذكر صلى الله عليه وسلم نحوه، فهل الحديث الأول مقيد بالثاني أم أن الإنسان بمجرد أن يؤتيه الله تعالى علما فيكتمه يدخل في الوعيد؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الوعيد المذكور في الحديث ليس مخصوصا بمن سئل عن علم فكتم، وإنما خصه بعضهم بما إذا تعين عليه تعليمه، وذلك لأنه يدخل فيه كتم العبد لبيان حكم مسألة رأى الناس يخطئون فيها، وترك إنكار المنكر، ويشتد الاثم إن كان غرض الكتم إقرار صاحب المنكر، فقد كلف الشارع العالم بأن يعلم ما علم، فقد قال الله تعالى: إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون {البقرة:159}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية. رواه البخاري. وفي مسند الربيع والسنة للخلال من حديث معاذ بسند ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا ظهرت البدع وسب أصحابي فعلى العالم أن يظهر علمه، فإن لم يفعل فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وقال المناوي عند شرح حديث: أيما رجل آتاه الله علما... في كتابه فيض القدير: قال: (أيما رجل آتاه الله علما) تنكيره في حين الشرط يؤذن بالعموم لكل علم ولو غير شرعي؛ لكن خص جمع منهم الحليمي بالشرع ومقدماته. (فكتمه)عن الناس عند الحاجة إليه.. وهذا وعيد شديد سيما إن كان الكتم لغرض فاسد من تسهيل على الظلمة وتطييب نفوسهم واستجلاب لمسارهم، أو لجر منفعة أو حطام دنيا أو لتقية مما لا دليل عليه ولا أمارة، أو البخل بالعلم، ومن ثم قال علي كرم الله وجهه: ما أخذ الله على أهل الجهل أن يتعلموا حتى أخذ على أهل العلم أن يعلموا.
والله أعلم.