السؤال
أريد أن أسال سيادتكم عن فتوى في رجل طلق امرأته ووقع الجماع بينهما في العدة بعد تراضي الطرفين والقبول بالرجوع ولكن عند التقدم للأهل للرجوع وجد أن لهم طلبات تعجزه عن الرجوع ولكن زوجته تريده ولكن لا تقدر على عصيان والدتها لأنها مريضة ومن الممكن أن تموت أو يصيبها الشلل عند عصيانها لها وشدة مرضها جعلهم لا يبيحون بموت ابنها بالخارج خوفا عليها
سيدي إن هذا الصديق يخاف الله ومصل ولا يعرف كيف يتصرف وما الحكم فيما وقعا فيه هو وزوجته برجاء سرعة الرد لما في هذا الموضوع من شبهة الزنا مع العلم بتراضيهم هما الاثنين على الرجوع والرد لعصمته وشهادتهم أمام الله بأنهم قبلا الرجوع لبعضهم مرة أخرى لعدم قدرتهم على الاستغناء عن بعضهم البعض
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر الأخ السائل أن زوجته معتدة ولكن لم يبين نوع العدة، فإن المعتدة قد تكون معتدة من طلاق رجعي، وقد تكون معتدة من طلاق بائن بينونة كبرى.
فإن كانت معتدة من طلاق رجعي أي بعد الطلقة الأولى أو الثانية، فله أن يراجعها ما دامت في العدة بالقول أو بالفعل، ولا يشترط رضى الزوجة ولا علمها ولا مهر ولا ولي، فالمراجعة في العدة حق للزوج، لقول الله تعالى: وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا {البقرة:228}
ويكون وطؤه لها في هذه الحالة مع نية المراجعة رجعة صحيحة، فإن مراجعة الزوجة تكون بالقول أو بالفعل على الراجح، ونحيل على الفتاوى التالية: 10508، 30067 لمزيد من الفائدة، وليس فيه إثم أو شبهة زنا.
وإذا أراد مراجعة زوجته في هذه الحالة فليس من حق أم الزوجة أو أهلها أن يحولوا دون ذلك، أو يشترطوا شروطا لرجوعها إليه
أما إذا كانت المرأة في العدة بعد الطلقة الثالثة فلا تحل له إلا بعد أن تنكح زوجا غيره، ويدخل بها، كما قال الله تعالى: فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره {البقرة:230}
وأما إذا كانت في عدة من طلاق بائن بينونة صغرى كطلاق بعوض (خلع) أوفسخ ونحوه فلا ترجع إليه إلا بعقد جديد ومهر جديد، ويكون وطؤه لها في هاتين الحالتين زنا محرما لأنها بانت منه ولم تعد زوجته ولا أثر لتراضيهما أو قبولهما بذلك، فيجب الإقلاع عنه والندم على ما مضى منه، لأن المطلقة طلاقا بائنا أجنبية.
ويعد منعها من الرجوع إلى زوجها بعقد جديد في الحالة الأخيرة من العضل المنهي عنه؛ لما رواه البخاري أن معقل بن يسار كانت أخته تحت رجل فطلقها، ثم خلى عنها حتى انقضت عدتها، ثم خطبها، فحمي معقل من ذلك أنفا، فقال: خلى عنها وهو يقدر عليها، ثم يخطبها، فحال بينه وبينها، فأنزل الله: وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن إلى آخر الآية.فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه، فترك الحمية واستقاد لأمر الله.
وكانت أخت معقل تريد الرجوع إلى زوجها.
ويجب مراعاة حالة الأم وعدم عصيانها إذا كان ذلك يضر بها ويعرض حياتها للخطر، ولا بأس بتحمل شروطها إن لم يكن فيها معصية حفاظا على صحتها
والله أعلم