السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:عندي بعض الأسئلة الشائكة ، وهي أسئلة تنشأ كثيرا عن العلاقة غير الشرعية مع النساء ، وهي :أولا : إذا زنى الرجل وحملت المرأة هل يجوز في هذه الحالة أن تعمل عملية الإجهاض.والسؤال الثاني: إذا أراد الرجل الزواج من المرأة التي زنى بها وهي حامل منه هل يجوز له ذلك ، وهل يستحسن أن يعملا عمليةالإجهاض أو يحتفظا بالطفل . وماذا عن الطفل نفسه ، هل سيعد من أبناء الحرام أم ماذا ، وإلى من ينسب ؟؟ أرجو إفادتي بالجواب السريع الوافي الكافي وجزاكم الله ألف خير.وأستغفر الله العلي العظيم
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأولا: لا يجوز شرعا الإجهاض في هذه الحالة المسؤول عنها إذا كان الحمل قد زاد عن أربعين يوما، ولا يعتبر الحمل من الزنا مبررا للإجهاض أبدا مهما كانت العوائق النفسية والاجتماعية الناشئة عن ذلك ، وسواء تزوج بها أم لا، لأن الإقدام على هذا إهلاك للنسل، وإفساد في الأرض، والله لا يحب الفساد. وفي ذلك اعتداء على نفس مخلقة ظلما وعدوانا. وهذا الولد الذي سيولد لا ذنب له ولا إثم عليه، وهو مولود على الفطرة . وهذا الإجهاض لا يزيل جريمة الزنا ، بل يضيف إليها جريمة أخرى ، ولهذا تعامل الزانية والزاني بنقيض قصدهما ، وهو ترك مانشأ عن جريمة الزنا من الحمل والولد شاهدا على قبح تلك الفعلة ، رادعا غيرهما عن الإقدام على مثلها ، وهذا من مقاصد الشرع في العقوبات وإغلاق أبواب الحيل ، ولهذا قال سبحانه في تذييل الآية التي فيها ذكر عقوبة الزانيين غير المحصنين ( ... وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ) النور :2.
وأما من زنا بامرأة فحملت ثم أراد أن يتزوج بها فقد اختلف الفقهاء ـ رحمهم الله ـ في حكم ذلك . فقال المالكية والحنابلة لا يجوز النكاح قبل وضع الحمل سواء من الزاني نفسه أو من غيره لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا توطأ حامل حتى تضع" رواه أبو داود والحاكم وصححه، ولما روي عن سعيد بن المسيب: أن رجلا تزوج امرأة فلما أصابها وجدها حبلى، فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم ففرق بينهما. وذهب الشافعية والحنفية إلى أنه يجوز نكاح الحامل من الزنى ، لأنه لا حرمة لماء الزاني ، بدليل أنه لا يثبت به النسب، لقوله صلى الله عليه وسلم: "الولد للفراش وللعاهر الحجر" أخرجه البخاري ومسلم.
وأما نسبة الطفل ، فإنه ينسب إلى أمه وأهلها نسبة شرعية صحيحة تثبت بها الحرمة والمحرمية، ويترتب عليها الولاية الشرعية والتعصيب والإرث، وغير ذلك من أحكام البنوة لأنه ابنها حقيقة ولا خلاف في ذلك.
أما نسبة الولد إلى أبيه من الزنا ولحوقه به، فقد أجاز ذلك إسحاق بن راهويه، وعروة، وسليمان بن يسار، وأبو حنيفة. قال أبو حنيفة: لا أرى بأسا إذا زنى الرجل بالمرأة فحملت منه أن يتزوجها ويستر عليها، والولد ولد له.
وذهب جمهور أهل العلم إلى أن ولد الزنا لا يلحق بأبيه ولا ينسب إليه، لأدلة منها: ما ورد في قضائه صلى الله عليه وسلم في استحقاق ولد الزنا: " أن كل مستلحق استلحق بعد أبيه الذي يدعى له ادعاه ورثته فقضى أن كل من كان من أمة يملكها يوم أصابها فقد لحق بمن استلحقه وليس له مما قسم قبله من الميراث شيء وما أدرك من ميراث لم يقسم فله نصيبه ولا يلحق إذا كان أبوه الذي يدعى له أنكره وإن كان من أمة لم يملكها أو حرة عاهر بها فإنه لا يلحق به ولا يرث وإن كان الذي يدعى له هو ادعاه فهو ولد زنية من حرة كان أو أمة". رواه أحمد وأبوداود وابن ماجه والدارمي.
ومذهب الجمهور هو الراجح -إن شاء الله - وعليه فإذا تزوج الرجل بمن حملت منه سفاحا فإن ولدها هذا ينسب إلى أمه وأهلها، أما زوجها فيكون هذا الولد له ربيبا، وتثبت له أحكام الربيب فقط. والله أعلم