السؤال
أنا سؤالي أريد أن أعرف ماذا يقول الدين في كلامي هذا: أنا لي أب وأربعة إخوة وأولاد إخوة وخمسة من البنات متزوجات كلهن وأبي يملك مالا كثيرا وهو يكلف أختي الكبيرة بالذهاب إلى البنك وسحب المال وإيداع المال هي انتهزت فرصة ثقة الوالد بها وقامت بأخذ كل المبلغ في رصيده وأخذت سلفة من البنك على حساب أبي وعندما عرفناه بذلك قال إنه سوف يكلمها بالموضوع وعندما كلمها قالت له إني أخذت المبلغ وقالت سوف أرجعه ولكن الآن ليس لدي المبلغ من أين أرجعه، وللعلم بأن هذه المبالغ نحن الأولاد قمنا بجمعها على طوال 8 سنوات، ونحن نحرم أنفسنا من كل شيء ونشتغل ليل ونهار لكي نجمع المال لشراء السكن والمركوب ولكن أبي كان يجمع منا المال ويودعه في حسابه في البنك حيث قال إنه هو سوف يقوم بشراء كل شيء لنا وعندما كلمناه الآن وقلنا له كيف تسمح لها بأخذ كل ما ادخرنا طوال هذه السنين، فقال أنتم لا تتدخلوا في هذا الموضوع وقد عرفنا أنه سامحها في المبلغ كله، وقال لها لا ترجعي شيء فهل هذا حرام أم حلال أن يعطي الأب المال الذي شقي من أجله أولاده طوال فترة 8 سنوات وفي الأخير يأتي من يأخذ كل شيء بسهولة فنحن لا نعرف ماذا نقول لأبي ولا نستطيع أن نتعارك معه من أجل المال، فما الحل أرجوكم؟ ولكم تحياتي.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه ليس من حق الوالد أن يأخذ من مال ولده إلا ما كان محتاجا إليه بالفعل ولم يكن في ذلك ضرر على ولده، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا ضرر ولا ضرار. رواه مالك في الموطأ.
وعلى ذلك فإن ما فعله هذا الأب بأبنائه لا يجوز، والواجب عليه أن يرد إليهم ما لا يحتاج إليه هو شخصيا من أموالهم، ولا يحل له أن يأخذ منها ما يحتاجون إليه أو يتسبب في ضررهم، وليس له الحق أن يترك مالهم لبنته الكبيرة تتصرف فيه أو يسامحها بما أخذت، وعليها أن ترد ما أخذت من المال لأصحابه فإنه أمانة في عنقها ودين في ذمتها يجب عليها أداؤه.. لقول النبي صلى الله عليه وسلم: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه أحمد وأصحاب السنن.
وما فعله والدها من مسامحتها به لا يحل لها ذلك، لأنه لا يجوز له أصلا أن يؤثرها عليهم بالعطية من ماله الخاص، ولا شك أن المنع أشد والتحريم أعظم إذا كان من مال الإخوة لما يسببه ذلك من البغضاء بينهم، وللمزيد من التفصيل وأقوال أهل العلم حول هذا الموضوع نرجو من السائل الكريم أن يطلع على الفتوى رقم: 46692.
كما ننصحهم جميعا بتقوى الله تعالى ومعالجة أمرهم بطريقة حكيمة آخذين بعين الاعتبار مكانة الأب وصلة الرحم، وبقوله تعالى: ولا تنسوا الفضل بينكم {البقرة:237}، ولا يمنع ذلك شرعا من المطالبة بالحق بطريقة محترمة ولو كان ذلك مع الأب، فقد خاصم معن بن يزيد أباه رضي الله عنهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح البخاري، قال الحافظ في الفتح تعليقا على هذا الحديث: ... وفيه جواز التحاكم بين الأب والابن، وأن ذلك بمجرده لا يكون عقوقا.
والله أعلم.