السؤال
بينت لأحد الإخوة حكم الإسبال ، والوعيد الذي ورد فيه ، وأنه يقتضي أن الإسبال كبيرة من الكبائر ؛ واقتنع ــ بفضل الله تعالى ــ وانتهى . ثم ناقش أحد الإخوة فأورد له شبهات حيرته ، وطلب مني ردودا وأجوبة تطمئنه ؛ فأخبرته أنني لن أرد أو أجيب من تلقاء نفسي وإنما سأرجع لأهل الذكر من المشايخ والعلماء .. متمثلا ــ بفضل الله تعالى ورحمته ــ قول الإمام أحمد : إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام . والشبهات هي :
(1) ما روي من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل يسبل ثوبه : أما لك في أسوة .
فيقولون : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزجر الرجل ولم ينهه .. مما يدل ــ هكذا يقولون ويزعمون ــ على أن النهي والوعيد الوارد في الأحاديث الأخرى يحمل على استحباب ترك الإسبال أو بمعنى آخر كراهة الإسبال .
وكأنهم يريدون أن يزعموا أنه منسوخ ؛ هداهم الله .
(2) يقولون : إن الجمهور على أن الإسبال مكروه . ولا أدري من أين لهم هذا ؟
(3) في قصة استشهاد عمر رضي الله تعالى عنه : (عند البخاري رحمه الله تعالى)
… وجاء رجل شاب فقال : أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك ، من صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقدم في الإسلام ما قد علمت ، ثم وليت فعدلت ، ثم شهادة . قال: وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي ، فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض ، قال: ردوا علي الغلام ، قال: ابن أخي ارفع ثوبك ، فإنه أنقى لثوبك ، وأتقى لربك .
فيقولون : إن هذا يدل على أن سيدنا عمر ــ رضي الله تعالى عنه ــ لم يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتى ولو كان صغيرا أو حتى مكروها ــ كما هو دأب الصحابة.. رضوان الله تعالى عليهم أجمعين ــ أو إنه رأى شيئا في قلب أو حال الشاب يندفع برفع الثوب .
سبحان واهب العقول .
(4) يقولون : كيف يستوي الإسبال مع شرب الخمر مثلا .. في أنهما من الكبائر ؟
(5) يقولون : إن الشهيد ــ لا شك ــ أنه من أهل الجنة ، ومع ذلك فإنه قد يكون مسبلا . فكيف يتحقق فيه الوعيد الوارد في الأحاديث " فهو في النار " ــ " لا يكلمهم الله ، ولا ينظر إليهم يوم القيامة ، ولا يزكيهم ، ولهم عذاب أليم " مع أنه من أهل الجنة ؟
يبدو أنهم تناسوا أنه يغفر للشهيد في أول دفعة من دمه .
(6) ورد عن معمر أنه قال : عاتبت أيوب على طول قميصه ، فقال : إن الشهرة فيما مضى كانت في طوله ، وهي اليوم في تشميره .
فيقولون : لو كان الإسبال حراما أو كبيرة ما أطال أيوب قميصه .
(7) ما ثبت عن الصديق ــ رضي الله تعالى عنه ــ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " إنك لست ممن يفعله خيلاء "
فيقولون : هذا يدل على أن الوعيد الوارد في الأحاديث يتعلق بمن يفعله خيلاء .
سبحان الله ! رغم أنهم قالوا ــ في الشبهة الأولى ــ باستحباب ترك الإسبال أو كراهة فعله ، فعلام يكون الوعيد هنا ؟ أمر عجاب.
أرجو الله أن نتلقى ردودا وأجوبة تشفي الصدور لينتهي أخونا وغيره مطمئنين ، وينظرون عمن يأخذون دينهم . وجزاكم الله خيرا .