السؤال
من المعلوم أن كتابة المصحف الشريف يجب أن تكون بالرسم العثماني , فماهو واجب المسلم إن وجد نسخة من المصحف التي تخالف في بعض كتاباتها الرسم العثماني ؟ فقد عرض علي مصحف مطبوع في مدينة باندونغ في إندونيسيا فيه بعض المخالفات للرسم العثماني كعدم كتابة همزة القطع وكتابة المجاهدين برسم الألف وتسمية سورة الزلزلة بسورة (الزلال) وغير ذلك . فما واجبي حيال ذلك ؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن واجب المسلم نحو دينه وكتاب ربه أن ينصح لهما ويسخر نفسه وجهده لخدمتهما والدفاع عنهما، وكل مسلم يعتبر على ثغر من ثغور الإسلام يدافع عنه بما استطاع أينما كان وكيفما كان. وجزاك الله كل خير وأحسن إليك على هذا الشعور الطيب والإحساس بالمسؤولية نحو دينك العظيم وكتابه الكريم. فقد روى مسلم في صحيحه عن تميم الداري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله تعالى ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. فالنصيحة لكتاب الله تعالى أساس الدين. وكما ذكرت فإن كتابة المصحف الشريف يجب أن تكون وفقا لما كتبه عليه الصحابة الكرام وأجمعوا عليه بأمر الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه. وكتابة المصحف منها ماهو توقيفي وهو ما يسمى بالرسم العثماني وهو ما أجمع عليه الصحابة وهذا لا تجوز مخالفته، ومنها ما هو محل اجتهاد وهو ما وضعه التابعون لخدمة كتاب الله وتسهيل قراءته كالنقط والشكل وصورة الهمزات ووضع الألفات المحذوفة.. وكان السلف يميزونها عن الرسم بلون أحمر أو أخضر وهذا ليس بتوقيفي ولذلك وقع الخلاف في بعضه، وبخصوص الأمثلة التي ذكرت فإن وضع صورة همزة القطع وكذلك نقطة همز الوصل التي يضعها بعضهم ويتركها بعضهم يعتبر من القسم الثاني وهو الضبط الذي يسوغ وضعه وتركه وذلك حسب الحاجة وما اصطلح عليه أهل كل بلد. وأما كتابة المجاهدين بإثبات الألف فإنه مخالف لقواعد الرسم العثماني فإن كل ألف في جمع المذكر وما ألحق به تحذف إلا ما استثني وهذه الكلمة ليست مما استثني. بل إن كتب الرسم التي بين أيدينا قد نصت على أن لفظ ( جاهد ) كله محذوف الألف. فقال الطالب عبد الله :
جاهد، تجارة، جادل أو ذي الليل جا * وزنا يجاز، الجاهليه. يخرجا.
وكذلك الميابي في كتابه كشف العمى حيث قال في باب الحذف:
جاهد، وجادل، جاعل اليل تجا * رة وجاوزنا، يجازى،يخرجا.
وكان قد ذكر في بداية هذا الباب أن الاختلاف في الرسم وخاصة الحذف لا يكاد ينحصر كثرة، وهذا ما جعلنا ننقل لك أقوال أهل هذا الفن وما به العمل لأن رسم القرآن كغيره من الفنون، يوجد فيه اختلاف في بعض الجزئيات. ولذلك لا نستبعد أن يكون في المسألة خلاف لم نقف عليه. وأما تسمية سورة الزلزلة بهذا الاسم فهو ما به العمل وطبعت عليه أكثر المصاحف التي في متناول الناس اليوم. ولكن لا مانع من تسميتها بسورة الزلزال أو سورة إذا زلزلت فبعض سور القرآن الكريم يكون لها أكثر من اسم. قال ابن عاشور في التحرير والتنوير في بداية تفسير سورة الزلزلة: سميت هذه السورة في كلام الصحابة سورة إذا زلزلت، روى الواحدي في اسباب النزول عن عبد الله بن عمرو نزلت إذا زلزلت وأبو بكر قاعد فبكى، الحديث . وفي حديث أنس مرفوعا عند الترمذي: إذا زلزلت تعد نصف القرآن، وكذلك عنونها البخاري والترمذي. وسميت في كثير من المصاحف ومن كتب التفسير سورة الزلزال، وسميت في مصحف بخط كوفي قديم من مصاحف القيروان زلزلت. وعلى هذا فهذه السورة لها أكثر من اسم ولا مانع من تسميتها بأحد أسمائها . وقبل الختام نقول للسائلة الكريمة إن واجبها وواجب جميع المسلمين النصيحة لكتاب الله تعالى وحراسته وإذا لاحظوا أي شيء يخالف مابه العمل من رسم أو ضبط.. أو أي شيء يريبهم فإن عليهم أن يبلغو أهل الاختصاص أو يرفعوا أمره إلى الجهات الرسمية، ونسأل الله تعالى أن يجزيك كل خير ويجعلنا وإياك من حراس كتابه والعاملين به. ونرجو أن تطلعي على المزيد في الفتويين: 39307 ، 51433.
والله أعلم.