السؤال
أنا والحمد لله من أهل البيت ولي مقدار من المال سأخرج عنه إن شاء الله الزكاة. ولي من أقاربي من هم بحاجة إلى المال علما أن في بلدي لا يعطى حق ذي القربى فهل يحق لي أن أخرج الزكاة لأقاربي أم أخرجها لغيرهم . وما هي الحقوق المالية التي تعطى لأهل البيت(ذي القربى) من طرف ولاة الأمور أرجو التفصيل. و هل إن لم تعط لهم تلك الحقوق تحسب لهم في ميزان حسناتهم ؟
وجزاكم الله كل خير و رحم الله ممول هذا الموقع .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأهل البيت الذين تحرم عليهم الزكاة إذا لم يعطوا حقهم من بيت المال هل يجوز دفع الزكاة إليهم أم لا، في ذلك خلاف بين أهل العلم:
ففي المجموع للإمام النووي الشافعي: ولو منعت بنو هاشم وبنو المطلب حقهم من خمس الخمس هل تحل الزكاة ؟ فيه الوجهان المذكوران في الكتاب أصحهما عند المصنف والأصحاب لا تحل، والثاني: تحل. وبه قال الإصطخري. قال الرافعي: وكان محمد بن يحيى صاحب الغزالي يفتي بهذا، ولكن المذهب الأول.
وموضع الخلاف إذا انقطع حقهم من خمس الخمس لخلو بيت المال من الفيء والغنيمة أو لاستيلاء الظلمة واستبدادهم بهما. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف وهو حنبلي:
وقال جامع الاختيارات: وبنو هاشم إذا منعوا من خمس الخمس جاز لهم الأخذ من الزكاة، ويجوز لهم الأخذ من زكاة الهاشميين. انتهى. فتلخص جواز الأخذ لبني هاشم إذا منعوا من خمس الخمس عند القاضي يعقوب وأبي البقاء وأبي صالح ونصر بن عبد الرزاق وأبي طالب البصري، وهو صاحب الحاويين والشيخ تقي الدين. انتهى.
وقال الحطاب في مواهب الجليل وهو مالكي: وتقدم في مصارف الزكاة عن ابن مرزوق أنهم إذا لم يعطوا ما يستحقونه من بيت المال وأضر بهم الفقر أنهم يعطون من الزكاة، وأن إعطاءهم أفضل من إعطاء غيرهم. انتهى.
وفي البحر الرائق شرح كنز الحقائق وهو حنفي: وأطلق الحكم في بني هاشم ولم يقيده بزمان ولا بشخص للإشارة إلى رد رواية أبي عصمة عن الإمام أنه يجوز الدفع إلى بني هاشم في زمانه لأن عوضها وهو خمس الخمس لم يصل إليهم لإهمال الناس أمر الغنائم وإيصالها إلى مستحقها، وإذا لم يصل إليهم العوض عادوا إلى المعوض، وللإشارة إلى رد الرواية بأن الهاشمي يجوز له أن يدفع زكاته إلى هاشمي مثله، لأن ظاهر الرواية المنع مطلقا. انتهى.
وفي أحكام القرآن للجصاص: وروى ابن سماعة عن أبي يوسف أن الزكاة من بني هاشم تحل لبني هاشم، ولا يحل ذلك من غيرهم. انتهى.
وحق آل البيت في بيت المال هو خمس الخمس من الفيء أو الغنيمة. قال الله تعالى: ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل {الحشر: 7} وقال تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل {الأنفال: 41}
وإذا فقد آل البيت نصيبهم المذكور بسبب انعدام الفيء والغنائم فهذا يعتبر من النقص في المال الذي ينال صاحبه الثواب الأخروي إذا صبر واحتسب ذلك عند الله تعالى.
قال تعالى: ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين (155) الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون (156) أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون {البقرة: 155-157}
وعليه، فآل البيت الذين تحرم عليهم الزكاة يرى كثير من أهل العلم جواز إعطائهم من الزكاة إذا لم يصل إليهم حقهم من بيت المال، سواء كان دافع الزكاة هاشميا لمثله أم لا، وينالون إن شاء الله تعالى الثواب الأخروي بسبب فقدهم لحقهم المذكور إذا احتسبوا ذلك، ويجوز للشخص دفع الزكاة لأقاربه الفقراء باستثناء الأبوين والأولاد الذين تجب نفقتهم كما سبق في الفتوى رقم: 9892 . وللفائدة راجع الفتوى رقم: 6344.
والله أعلم.