السؤال
أود أن أعرف عندما يجامع الرجل زوجته أو أن يكون في مرحلة مقدمات الجماع, ويبدأ المذي بالنزول أحيانا على الملابس الداخلية وأحيانا أخرى لم ينزل شيء بعد ويدخل وقت الصلاة ويؤذن المؤذن وهما على هذا الحال ويسمعان النداء , ما الواجب عليهما (حال) ذلك الوقت ؟ هل يتركها دون أن يكملا ? وهل لابد أن يتوقف وقت الأذان مثلما يتوقف الشخص عن سماع الأغاني وقت الأذان ودخول الصلاة ؟؟ ما الفرق بين الحالات وما الحكم والواجب في ذلك الوقت ؟؟ وماذا افعل بما نزل على الملابس من مني أو مذي؟؟ سؤالي يحتاج الإجابة عليه بعناية وتفصيل لكل جزئية بالتفصيل والأدلة وعدم إحالتي على إجابة أخرى.. وجزاكم الله خير الجزاء ومشكورين مقدما
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن صلاة الجماعة واجبة على الرجل إلا لعذر، ومن أهل العلم من أوجبها في المسجد، فلا يجوز للمسلم إذا حضرت الصلاة أن يشتغل بما يكون سببا في تخلفه عن الجماعة، فإن كان في الوقت متسع بحيث يمكنه الفراغ من الجماع والاغتسال وحضور الصلاة فلا بأس حينئذ، وكذلك إن تاقت نفسه إلى الجماع وتعلق القلب به فله أن يقدمه على الصلاة في الجماعة قياسا على الطعام إذا حضر وقت الصلاة وكانت النفوس تتوق إليه فيقدم الطعام على الصلاة؛ لما في الصحيحين إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء منه، وكان ابن عمر يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ، وإنه ليسمع قراءة الإمام.
قال النووي في شرح مسلم: ويلحق بهذا ما كان في معناه مما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع. انتهى.
وعلى كل حال، فإذا أذن المؤذن والشخص في هذه الحالة التي وصف السائل فإنه غير مطالب بالتوقف، وإذا كان في حالة جماع لا يطالب بحكاية الأذان ولا التوقف لأن التوقف قد يضر به، ولأن العلماء قد نصوا على أن المجامع والذي هو في حال قضاء الحاجة لا يطالبان بحكاية الأذان، ومثلهما في ذلك الملبي والمقيم للصلاة، وآخرون قد ذكرهم أهل الفقه.
قال النووي في المجموع بعد أن ذكر استحباب حكاية الأذان لكل سامع قال: ويستثنى من هذا المصلي، ومن هو على الخلاء والجماع، فإذا فرغ من الخلاء والجماع تابعه. انتهى.
وخلاصة الأمر أن من كان في أثناء الجماع وسمع النداء لا يطالب بقطع الجماع ولا التوقف عنه ولا بحكاية الأذان، فإذا فرغ وأمكنه التطهر وحضور الجماعة فبها ونعمت، وإلا فيصلي مع أهله، وإذا وصل الشخص إلى حالة خروج المذي من غير إيلاج وأراد أن يقدم الصلاة غسل عنه المذي وتوضأ، وهذا لا إشكال فيه، أما إذا حصل إيلاج أو خرج المني وهو الماء الغليظ الذي يخرج دفقا ويعقبه فتور فالواجب حينئذ الغسل، وكذلك غسل الملابس التي يصلي فيها أي غسلها من المذي اتفاقا بين العلماء، ويغسل المني أيضا خروجا من الخلاف.
ثم إنه لا مقارنة بين الاشتغال بأمر مباح والاشتغال بأمر محرم، فالاشتغال بالأغاني محرم ويجب الابتعاد عنه، وسواء في أوقات الصلاة أو في غيرها، إلا أنه إن اشتغل به عن الصلاة يكون أمره أعظم ،أعني الأغاني المصحوبة بآلات العزف والموسيقى أو المشتملة على الفحش والفجور، والدليل على ذلك قوله تعالى: ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم {لقمان: 6} قال ابن جرير الطبري في تفسيره: وأما لهو الحديث فإن أهل التأويل اختلفوا فيه فقال بعضهم: هو الغناء والاستماع له، وساق ابن جرير سندا إلى أبي الصهباء أنه سأل ابن مسعود عن قول الله عز وجل ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال: الغناء، وبإسناده إلى جابر رضي الله عنه قال: لهو الحديث الغناء والاستماع له. انتهى.
والله أعلم.