السؤال
نرجو منكم وفقكم الله شرح الحديث الذي رواه البخاري 7510، ومسلم 193، فيما يخص الشفاعة (إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض فيأتون آدم........... انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة من خردل من إيمان فأخرجه من النار, فانطلق فافعل)؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخرج البخاري ومسلم في حديث الشفاعة لمن دخل النار أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في آخر مرحلة من مراحل الشفاعة: يارب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله ، فيقول الله: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله. فإنما يعني به المؤمنين بالنبي صلى الله عليه وسلم من أهل لا إله إلا الله، ولذلك قال في الحديث قبل الفقرة التي ذكر السائل: فأقول يا رب أمتي أمتي. وأمته المراد بها أمة الإجابة، وأما من لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم ولم يتبعه فإنه لا يشفع فيه النبي صلى الله عليه وسلم ولا تنفعه شفاعة أحد كائنا من كان، وإليك نص الحديث المذكور كما في صحيح البخاري، وقال الإمام البخاري: حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد حدثنا معبد بن هلال العنزي قال: اجتمعنا ناس من أهل البصرة فذهبنا إلى أنس بن مالك وذهبنا معنا بثابت البناني إليه يسأله لنا عن حديث الشفاعة فإذا هو في قصره، فوافقناه يصلي الضحى فاستأذنا فأذن لنا وهو قاعد على فراشه فقلنا لثابت: لا تسأله عن شيء أول من حديث الشفاعة، فقال: يا أبا حمزة هؤلاء إخوانك من أهل البصرة جاؤوك يسألونك عن حديث الشفاعة، فقال: حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض فيأتون آدم فيقولون اشفع لنا إلى ربك فيقول لست لها ولكن عليكم بإبراهيم فإنه خليل الرحمن، فيأتون إبراهيم فيقول: لست لها، ولكن عليكم بموسى فإنه كليم الله، فيأتون موسى فيقول: لست لها، ولكن عليكم بعيسى فإنه روح الله وكلمته، فيأتون عيسى، فيقول: لست لها، ولكن عليكم بمحمد صلى الله عليه وسلم، فيأتونني فأقول أنا لها، فأستأذن على ربي فيؤذن لي ويلهمني محامد أحمده بها لا تحضرني الآن فأحمده بتلك المحامد وأخر له ساجدا، فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع، فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال شعيرة من إيمان، فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع فأقول: يا رب أمتي أمتي، فيقال: انطلق فأخرج منها من كان في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان، فأنطلق فأفعل ثم أعود فأحمد بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال: يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعط واشفع تشفع فأقول يا رب أمتي أمتي، فيقول: انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل. فلما خرجنا من عند أنس قلت لبعض أصحابنا: لو مررنا بالحسن وهو متوار في منزل أبي خليفة فحدثناه بما حدثنا أنس بن مالك فأتيناه فسلمنا عليه فأذن لنا فقلنا له: يا أبا سعيد جئناك من عند أخيك أنس بن مالك فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة فقال: هيه فحدثناه بالحديث فانتهى إلى هذا الموضع فقال: هيه فقلنا لم يزد لنا على هذا فقال: لقد حدثني وهو جميع منذ عشرين سنة فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا، قلنا: يا أبا سعيد فحدثنا فضحك وقال: خلق الإنسان عجولا، ما ذكرته إلا وأنا أريد أن أحدثكم حدثني كما حدثكم به، وقال: ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطى واشفع تشفع فأقول يا رب ائذن لي فيمن قال: لا إله إلا الله، فيقول وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال لا إله إلا الله. وراجع فتح الباري لابن حجر وشرح النووي لمسلم، وراجع الفتوى رقم: 10268، والفتوى رقم: 57726.
والله أعلم.