حكم فصل المني لتحديد جنس الجنين

0 610

السؤال

أريد أن أسأل الدكتور القرضاوي ما حكم الإسلام في عزل وفصل المني لتحديد جنس الولد؟ والإ أخبرني في اسم المجيب؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:


فننبه السائل الكريم أن هذا الموقع تشرف عليه وزارة الأوقاف القطرية، وأنه لا يتبع لفضيلة الدكتور القرضاوي، وليس له عليه أي إشراف. ويقوم بالإجابة عن أسئلة واستفسارات القراء لجنة شرعية متخصصة. وأما تحديد جنس الجنين بفصل الحيوان المنوي المسئول عن الذكورة أو الأنوثة ومن ثم تلقيح البويضة. فلا مانع شرعا منه إذا كان ثم حاجة داعية إلى ذلك: كأن يكون الغرض من ذلك تجنب بعض الأمراض الوراثية في الذكور، أو الإناث، أو يكون غالب أولاد الرجل من نوع، فيحب أن يكون له ولد من النوع الآخر. وكان ذلك بصورة فردية، وليس دعوة جماعية تتبناه الدول والمنظمات.
وليس ذلك من الاعتداء على مشيئة الله ولا من ادعاء علم ما في الأرحام، إذ الأخذ بالأسباب مما شاء الله، وقد أجاز النبي صلى الله عليه وسلم العزل فقال: "اعزل عنها إن شئت، فإنه سيأتيها ما قدر لها" رواه مسلم. فإذا كان أجاز العزل، وبين له أنه لا ينافي قدرة الله وإرادته، مع أن فيه منعا للذكورة والأنوثـة معا. فجواز ما فيه أحدهما من بـاب أولى.
وليس في ذلك ادعاء علم ما في الأرحام، قال تعالى: (ويعلم ما في الأرحام) [لقمان: 34]. لأن حصر علم ما في الأرحام في كونه ذكرا أو أنثى لا دليل عليه ألبتة لأن المعنى أعم وأشمل من ذلك، فهو يتعلق بعلم ما في الأرحام من ذكورة وأنوثة، وصلاح وفساد، وحياة وموت، وشقاء وسعادة، وقوة وضعف، ونحو ذلك مما لا يعلمه إلا الله، فحصر ذلك في الذكورة والأنوثة لا دليل عليه. وقد كان في العرب من يعلم من حال الأنثى نوع الجنين الذي تحمله، ولم يكفر ولم يفسق، قال القرطبي رحمه الله: (قال ابن العربي: وكذلك قول الطبيب: إذا كان الثدي الأيمن مسود الحملة فهو ذكر، وإن كان في الثدي الأيسر فهو أنثى، وإن كانت المرأة تجد الجنب الأيمن أثقل فالولد أنثى، وادعى ذلك عادة لا واجبا في الخلقة لم يكفر ولم يفسق) أ. هـ.
وطلب جنس معين من الولد له أصل في الشرع، قال تعالى: (فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا) [مريم: 5/6)، وقال تعالى: (قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى) [آل عمران: 36].
_ والذهاب إلى الطبيب ـ للعلاج من العقم ـ جائز شرعا، وهو من الأخذ بالأسباب فلا ينافي التوكل على الله تعالى، وهو من باب السعي في إنشاء جنين، ولا خلاف في جوازه، فكذا تحديد جنسه جائز من باب أولى.
- وقد يظن بعض المانعين من جواز تحديد جنس المولود أن هذا من باب تغيير خلق الله، وهو قول ليس في محله، لأنه لم يأت بخلق جديد، ولم يغير في خلق الله شيئا، لأن الحيوان المنوي هو نفسه، والبويضة هي ذاتها لم يطرأ عليهما أي تغيير في خلقتهما، ومن المعلوم أن البويضة لا يخترقها إلا حيوان منوي واحد، وغاية الأمر أنهم فصلوا هذا الحيوان (مع تحديد نوعه) ولقحوا به البويضة.
- ولا يؤدي جواز ذلك إلى اختلال التوازن البشري فيطغى نوع على آخر لأن إباحة ذلك مقيدة بالحاجة، وبأن تكون على مستوى الأفراد، ولا تتبناها الدول أو المنظمات.
ونحن إذ نقرر ذلك نقول: إن من احتاج إلى هذا وأمن عدم اختلاط الحيوانات المنوية الخاصة به بحيوانات غيره، وكان ذلك بطريقة علمية مؤكدة، وليس فيها ارتكاب محرم، ولم يؤد لكشف العورة إلا ضرورة ملحة، مع توكله على الله، وعلمه أن كل شيء بأمره، وأن ما يسعى إليه إنما هو سبب من الأسباب إن شاء الله أمضاه، وإن شاء أبطله، نقول يجوز لك ذلك، ولكن الصبر على ما ابتلاه الله به، والرضا بما قسم الله له، أفضل من السعي في هذا السبيل. والله تعالى أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات