السؤال
تعرفت على إحدى الأمريكيات في إحدى غرف الشات الإسلامية عن طريق الإنترنت، كانت قد قرأت الكثير عن الإسلام، وشرح الله صدرها له، كما أبدت أشد الإعجاب به، وأخبرتني أنها تريد الدخول فيه، ولكن أمامها مشكلة كبيرة حالت بينها وبين إعلان الشهادتين واعتناقها للإسلام، طلبت مني عرضها على مشايخ العلم حفظهم الله للإجابة عليها، وتتمثل في كون زوجها لا ديني، وقد أخبرته برغبتها العارمة في دخول الإسلام فلم يمانع بتاتا، لكنه أخبرها أنه لا يرغب في اعتناق أي دين رغم أنها حاولت أن تكلمه عن الإسلام وتجذبه إليه، ولكنه لم يقتنع، وقالت لي إنها قرأت أن الإسلام يحرم على المسلمة الزواج بغير المسلم، وهنا مكمن المشكلة، فهو الأب الوحيد لأبنائها ولا تستطيع أن تفرق بينه وبينهم، كما أنها تحبه كثيرا، وتقول إنه شخص طيب ولطيف، وأن الله لو شرح قلبه لأسلم بكل تأكيد، فهي محتارة هل تبقى على الكفر حتى يهدي الله قلب زوجها إليه، أم تسلم وبالتالي تصبح العلاقة بينها وبين زوجها علاقة زنا والعياذ بالله، خياران أحلاهما مر.
أتمنى من فضيلتكم إيجاد حل لمشكلتها في أسرع وقت ممكن، فوالله الذي لا إله إلا هو أني لمست في كلامها وطريقة تعبيرها مرارة لا يعلم بها إلا الله، ومحبة وإعجابا عظيما بهذا الدين دين الفطرة التي فطر الله الثقلين عليه، فسبحان الله رب العالمين.
أفيدونا مأجورين، والله يحفظكم ويرعاكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم وفقنا الله وإياك وفقهنا في دينه أن أول ما يدعى إليه الناس شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أجابوا إليها ودخلوا في الإسلام، فإنهم يدعون إلى الصلاة ثم الزكاة ثم بقية فرائض الإسلام، ثم يبين لهم نواهي الإسلام ومحرماته، دل على ذلك ما رواه الجماعة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن قال: إنك تأتي قوما أهل كتاب، فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك، فأعلمهم أن الله عز وجل افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله تعالى افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم...الحديث.
فيبين للمدعو أن شرط الدخول في الإسلام أن يصدق بقلبه وينطق بلسانه ويعمل بجوارحه بشيء من شرائع الإسلام كالصلاة، فإذا فعل ذلك، فإنه يكون مسلما مؤمنا، ومن أهل النجاة من الخلود في النار، ومآله إلى الجنة، لأنه لا يخلد في النار مؤمن، ويبين له كذلك أن فعل المسلم أفعالا محرمة لا يخرجه من الإسلام كالزنا -مثلا- بل هو معصية وكبيرة وفاعلها متوعد بالعذاب، لكنه يبقى مسلما ولا يخرج من دائرة الإسلام.
نريد بهذه المقدمة أن نصل إلى نتيجة، وهي أنه على هذه المرأة أن لا تفهم من كون الإسلام يحرم عملا ما، أن معنى ذلك أنه لا يكون الشخص مسلما حتى يترك هذا العمل، نعم لا يكون مؤمنا كامل الإيمان، ولكنه يبقى مؤمنا عنده أصل الإيمان، الذي تكون به النجاة من الكفر الذي يوجب لصاحبه الخلود في النار، إذا تقرر هذا نقول لهذه المرأة: بادري بالدخول في الإسلام، ثم عليك القيام بما تستطيعين من أوامر الإسلام، واجتناب نواهيه، وما قصرت فيه من الأوامر أو وقعت فيه من النواهي، عليك التوبة إلى الله منه، ومجاهدة نفسك لتكوني من المؤمنين كاملي الإيمان.
تأتي المسألة محل البحث والإشكال عند هذه المرأة، فنقول لها: نعم الإسلام لا يحل للمسلمة أن تتزوج بكافر أو تبقى مع كافر بعد إسلامها، قال تعالى: لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن {الممتحنة: 10}.
فحاولي إقناع زوجك بالإسلام بعد أن تسلمي أنت، وإخباره أن دينك لا يسمح لك بالبقاء معه، وإنك ستتركينه إن لم يسلم، فربما دخل في الإسلام رغبة في بقائك معه، وقد حدث مثل ذلك لبعض الصحابيات حين أسلمن وهن تحت أزواج مشركين، ففي سنن النسائي من حديث أنس رضي الله عنه قال: خطب أبو طلحة أم سليم، فقالت: يا أبا طلحة ما مثلك يرد، ولكنك أمرؤ كافر وأنا مسلمة لا تحل لي، فإن تسلم فذلك مهري، فأسلم فكان ذلك مهرها. فإذا تلفظ بالشهادة واعتنق الإسلام، فتبقين معه، ما لم يصدر منه فعل يدل على كفره.
أما إذا لم يستجب هذا الزوج للإسلام وفضل على ذلك ترك زوجته وأبنائه، فيجب عليها تركه، ولا يحل لها البقاء معه، وسيعوضها الله عز وجل خيرا منه، في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.