السؤال
ما حكم الدين في مهنة الإخراج الصحفي في وضعها الشائع اليوم، حيث إن معظم الصحف والمجلات في وقتنا تحوي الغث والسمين من الأخبار والاقتصاد والدين والثقافة كما تحوي أيضا اللهو والرياضة وفتيات الغناء والتمثيل وغيرها، كل ذلك في مكان واحد، ومهمة المخرج الصحفي هي تجهيز هذه المواد بالشكل اللائق لتتم طباعتها، والمخرج شخص من ضمن طاقم لكن دوره محوري في إصدار أي مطبوعة سواء أكانت ذات محتوى ملتزم أو فاسد أو يجمع كلاهما، سؤالي هل العمل ضمن الخانة الشائعة اليوم من الصحف والمجلات يدخل ضمن الضرورة من حيث إن سياسة أي صحيفة يرسمها رئيس تحريرها والكثير من المخرجين الصحفيين ينكرون ما ينشره المسؤولون عن التحرير وهم "إذا ما التزموا مع جريدة أو مجلة ما لا يستطيعون أن يقبلوا بإخراج المواضيع الجادة والملتزمة فقط ويرفضوا الأخرى وتأثيرهم يكمن في إمكانهم التخفيف من حدة الإثارة والتبرج والاستعاضة عنها بأشياء جمالية أخرى، لكنه ليس بإمكان أي مخرج صحفي منع رئيس التحرير من وضع صورة لفتاة متبرجة على الغلاف مثلا"؛؛ هل هذا هو التعاون على الإثم والسفور أم يمكن تحميله في باب البلاء الذي عم الجميع فالكثير من أصدقائي الملتزمين يسألون أنفسهم بأنهم ضمن باب "الضرورة" يساند هذه الضرورة أن المطبوعات الملتزمة قليلة جدا، وهي إن وجدت فللأسف فمردودها لا يكاد يسد الرمق ومع ذلك هناك إقبال شديد عليها يجعل من الصعوبة إيجادها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد تقدم لنا كلام في امتهان الصحافة بوجه عام في الفتوى رقم: 13560 فنرجو مراجعتها.
هذا؛ ولا يخرج حكم الإخراج الصحفي عما ستجده في الفتوى المشار إليها، وإن كنا نرى أن الإخراج الصحفي مهم جدا في باب الصحافة فهو الذي يمتلك أساليب الجذب والإغراء، وقد يكون أصل الموضوع لا يستدعي الاهتمام، ولذا فالتبعة على المخرج الصحفي عظيمة، فإذا قام بتزيين المنكر من القول والصور كان عليه من الوزر بحسب ذلك، وإن قام بتزيين الحق وإخراجه في أحسن صوره كان له من الأجر بحسب ذلك أيضا، ولا ريب أن ذلك كله داخل في عموم، قوله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب {المائدة:2}.
وأما القول أن العمل بهذه الوظيفة في المجال المحرم يباح لأنه ضرورة فقول باطل لعدم وجود الضرورة المزعومه، فلأن يترك الشخص العمل في الصحافة كليا ويبحث عن عمل آخر مباح خير له من البقاء في هذا المجال مع ارتكابه ما نهى الله عنه، ولأن يكتفي باليسير الحلال خير من الكثير الحرام الذي لا يبارك الله فيه أصلا، فالمقصود أن على أهل الدين والورع العاملين في مجال الصحافة السعي لتصحيح مسار الصحافة المنحرفة، لا تكريس الواقع المر لها بدعوى ضرورة العمل، فإن أمكنهم إيقاف هذا الفساد ولو بالتدرج بقوا في أعمالهم هذه؛ وإلا تركوها وأخلصوا في الترك لله عز وجل، وسيعوضهم الله خيرا منها، فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
والله أعلم.