السؤال
أنا أختكم في الله أحتاج لمساعدتكم..
أنا طالبة في الجامعة عمري 21 سنه تقريبا خليجية ألتزم بشريعة الله وبالحجاب الشرعي الكامل بما في ذلك غطاء الوجه ولله الحمد ولكن بيئتي العائلية ( المكونة من أبي وأمي و6 أولاد و4 بنات أنا الوسطى ) غير ملتزمة نوعا ما بتعاليم الشريعة حتى أنني أكاد أكون الوحيدة التي تصلي دائما، تفكيرهم يبعد كل البعد عن تفكيري أحس أنني غريبة وأنا بين أهلي مما يتعبني نفسيا فقد اعتدت الكتمان، وما يزيد تعبي هو أنني لست أملك أمر نفسي فمعاصيهم يشركونني فيها من جهة أو أخرى أبي بالتحديد هو محور مشكلتي فهو من لا أستطيع رفض طلب له وهو برأيي سبب فساد العائلة.
أنني في هذه الفترة أشعر بحاجة ماسه للزوج الصالح ، بحاجة لمن يقف معي ويعينني على الخير، أفكر بالأطفال وأتمنى أن أرزق بطفل لأربيه على الشريعة الإسلامية، لقد تقدم لخطبتي كثير منذ كنت في الثانوية وحتى الآن ولكن أبي يرفض، منهم من هو فعلا لا يصلح أن أرتبط به ومنهم من يكون على مستوى عال من الخلق والدين فيرفضه أبي! يرفضه أعتقد لأن عقلية الجاهلية " لا تزوج الصغرى قبل الكبرى "لا زالت تخيم على أبي مع العلم أن أختي التي تكبرني ذات شخصية ضعيفة جدا ولا تستطيع التحكم بتصرفتها و .... المهم أنه مواصفاتها لا تتناسب مع الخطاب الذين كلما أتى واحد يخطبني يرفض أبي ويعتذر منه ثم يقول له ما رأيك بالكبرى؟! فلا يوافق وبالتالي يذهب الخاطب ونبقى الاثنتين في بيت أبينا.
المهم في هذه الظروف المتعبة كان أحد أساتذتي في الجامعة (قسم علم النفس) ذا شخصية لم أر مثلها من قبل ملتزم غيور كثير النصح خلوق ، كنت أحس بعدم الثبات والتشتت وأن هذا الشخص سيساعدني كنت أحس بأن ضالتي عنده وأنه سيرشدني إلى الطريق الصحيح وفعلا جاء الوقت المناسب فأخبرته بأني أحتاج لمساعدته فاستقبلني في مركز إرشاد الطلبة وبدأ يستمع إلي وبعد 3 جلسات تقريبا أحسست أنني أعرف الآن أين أضع قدمي لقد غيرني هذا الدكتور تغييرا كاملا أصبحت أفكر بطريقة أفضل عرفت مواطن الضعف فيي وتبدل حالي للأحسن ولله الحمد .
ولكنني وبصراحة تعلقت بهذا الدكتور تمنيت لو يكون أبي أو أخي الكبير ، تمنيت لو أستطيع اختيار عائلتي لأختاره أبا أو أخا ، ولكن عندما أصحو أجد أنه لا أستطيع أن أتقرب منه إلا أن أكون زوجته وهذا محال لأنه متزوج ولديه طفلان وهو مستقر مع عائلته .
ومع علمي بذلك أزداد حزنا لأني لا أستطيع أن أفكر فقط مجرد تفكير بأن أنساه، فكلما رأيت إخوتي وجفافهم تذكرته وتخيلته مكانهم .. كلما رأيت أبي وصغر عقله الذي يتباهى به تذكرته وتذكرت تواضعه .. كلما رأيت إخوتي يعصون الله وقد تربوا على ذلك تذكرته وتذكرت ابنه ذا الخمس سنوات الذي حفظ جزء عم وفاز على منطقته ،أتمنى أن أرزق بزوج مثله خلقا ودينا وعقلا.
انتهى العام الدراسي وبدا عام آخر فلم أعد أستطيع رؤيته كما كنت لأنني من قسم آخر، مما يجعلني أتحجج لنفسي بأعذار واهية لأذهب لرؤيته والتحدث معه ولكن ما ألبث أن أرجع من عنده حتى ألوم نفسي على ما فعلت، أنني الآن أعيش صراعا نفسيا قويا لا أعلم ماذا سيؤدي بي فأنا خائفة.
أرجوكم افهموني وحاولوا مساعدتي فأنا متعبة جدا ووحيدة .
آسفه على الإطالة..
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحمد لله الذي من عليك بنعمة الهداية والاستقامة في بيئة لا تمكن من ذلك، هذا ولا ينبغي لولي المرأة رد الخاطب الخلوق الدين لعلة البدء بتزويج البنت الكبرى قبل الصغرى، فقد قال صلى الله عليه وسلم: إذا نكح إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي
وإذا استمر والد الفتاة على رد الخاطبين الصالحين الأكفاء الدينين فإنه يكون عاضلا لها، وفي هذه الحالة فإن للفتاة أن ترفع أمرها للقاضي ليزوجها. وانظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 43004، 49399، 25815
.
هذا، وقد أخطأت في تماديك بالعلاقة مع هذا الأستاذ حتى خرجت عن مجرد الاسترشاد وطلب النصيحة والتوجيه إلى الإعجاب بشخصه والتلذذ بسماع حديثه، وما حصل ذلك إلا بتجاوزك بإطلاق بصرك إلى ما حرم الله النظر إليه، وكأنك وأنت الفتاة العفيفة المستقيمة لم تسمعي قول الله تعالى: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن {النور: 31} ثم تجاوزك في الكلام لغير حاجة معه، وكأن الله ليس له حكم في ضبط العلاقة بين الرجل والمرأة إذا كانا أجنبيين، وانظري الفتويين: 15406، 21310.
ثم ما يدريك هل إذا ظفرت بهذا الأستاذ وأصبح زوجك ستكونين سعيدة معه؟ وما الذي يؤكد لك أنه في علاقته الخاصة بزوجته على هذا القدر من الرقة والتفاهم والسلوك الحسن، إن كثيرا من الشخصيات العامة تبدو للناس في اللحظات التي يقضونها معهم وكأنهم أشخاص مثاليون، فإذا طالت صحبتهم لهم أو كونوا معهم علاقة خاصة اكتشفوا أنهم كانوا مخدوعين.
إننا نظن أن مشاعرك تجاه هذا الأستاذ ليست حقيقة، وإنما ذلك لشعورك بذلك الفراغ العاطفي الذي سببه افتقاد حنان الأسرة وعطفهم عليك جعلك تتفاعلين مع أول قلب يفتح لك وينصت إلى حديثك.
والذي ننصحك به أن تتوبي إلى الله تعالى من تفريطك في جبنه تعالى، وأن تقطعي علاقتك نهائيا بذلك الأستاذ فتحذفي رقم هاتفه من جوالك، ولا تدخلي القسم الذي يعمل فيه إلا لحاجة شديدة، ولا تكوني وحدك بل اصحبي معك إحدى زميلاتك، واعلمي أن ما أنت فيه هو بوادر مرض من أخطر أمراض القلوب التي تقطع المرء عن ربه ومولاه ألا وهو داء العشق، وانظري الفتوى رقم: 9360.
هذا، وننصحك بأن تكون لك صحبة من الأخوات الفضليات المؤمنات تتبادلين معهن مشاعر الحب في الله وتتعاونين معهن على فعل الخيرات، وانظري فضل الحب في الله في الفتوى رقم: 52433.
واشتركي مع أخواتك في حفظ كتاب الله تعالى وطلب العلم النافع، واعلمي أن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية.
وانظري برنامجا لطلب العلم للمبتدئين في الفتاوى ذات الأرقام التالية: 59868، 59729، 56544، فاجتهدي في إصلاح نفسك وتزكيتها واستمعي للأشرطة النافعة وأهد منها لأخواتك، وانشطي في الدعوة إلى الله تعالى، واسألي الله كثيرا أن يرزقك العفاف وأن يمن عليك بالزواج الصالح الذي تقر به عينك ويعينك على أمر دينك.
هذا، وننصحك بتقوى الله في والديك والاجتهاد في برهما وإن كانا مفرطين في حق الله ومقصرين في حقك عليهما، فإن الله تعالى قد أوصاك بهما فقال: وبالوالدين إحسانا {الإسراء: 23} وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إرضاءهما فيما ليس فيه معصية لله تعالى من أقصر الطرق لرضوان الله والجنة، فقال: رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد، رواه الترمذي. وقال أيضا: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي.
ولمزيد فائدة انظري الفتاوى ذات الأرقام التالية: 56908، 12767، 1769، 4220، 1037، 58152، 63925، 65335.
والله أعلم.