السؤال
عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: <من صلى صلاة الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء؛ فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم> رواه مسلم.لقد قرأت شرح الحديث في أكثر من مصدر كشرح الإمام النووي ، وتحفة الأحوذي ؛ غير أن المعاني بقيت غامضة رغم شروحهمأرجو بيان شرح الحديث من قوله عليه الصلاة والسلام : فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء؛ فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنملقد توجهت إليكم لبيان المعنى لأني أعرف تعمقكم في العلم، ولأن موقعكم - خصوصا قسم الفتوى - من أهم المواقع على شبكة الإنترنت
لا أريد شرحا عائما لا يوضح المعنى بل أريد شرحا متعمقا يسبر غور مراده صلى الله عليه وسلم . علما بأن شرحكم سيعرض على كبار طلبة العلم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمعنى الحديث واضح جلي وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم يحذر الناس من أذية المسلم المؤدي لصلاة الفجر ويبين لهم أن من أداها فقد دخل في ذمة الله أي في ضمانه وحمايته وأمانه. وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث : فهو في ذمة الله .
وأما قوله عليه الصلاة والسلام : فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء . فهو نهي وتحذير عن أذية من هو في أمان الله وحمايته لأن أذيته تعتبر في الحقيقة اعتداء على الله ونقضا لأمانه الذي وهبه لهذا المصلي، ومن نقض عهد الله واعتدى عليه فقد عرض نفسه لمحاربة الله، والله ينتقم لمن أوذي وهو في جواره وأمانه ، ونضرب لذلك مثلا ولله المثل الأعلى فنقول : لو أن شخصا جاء إلى رئيس قبيلة وطلب منه الأمان وأمنه فحينئذ من اعتدى عليه فقد اعتدى على مؤمنه وهو رئيس القبيلة وحينها سيقوم رئيس القبيلة بالإنتقام له ممن اعتدى عليه؛ إلا أنه قد يقدر على معاقبته وقد لا يقدر. أما الله جل جلاله فإنه يقدر على الانتقام ممن اعتدى على من هو في جواره وأمانه ولا يحول بينه وبينه أحد، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ومن يطلبه من ذمته بشيء يدركه . وإذا أدركه فعقابه هو كبه في النار على وجهه ما لم يتب أو يعفو عنه سبحانه .
والله أعلم .