الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم لمن له عذر كالرعاة والسقاة أن يرموا يوما ويدعوا يوما، فلهم أن يرموا يوم النحر ويدعوا يوم القر وهو الحادي عشر، ويرموا يوم الثاني عشر عنهما بعد الزوال، وينفروا إن تعجلوا أو يرموا يوم الثالث عشر بعد الزوال ثم ينفروا، وإلى هذا ذهب جمهور أهل العلم، وذهب
أبو حنيفة في رواية عنه ووافقه آخرون إلى جوازه قبل الزوال وبعد طلوع الفجر، وأما قبل الفجر فلم يقل به أحد فيما نعلم إلا لمن له عذر فقد رخص له بعضهم بأن يقدم رمي يوم قال تقي الدين السبكي رحمه الله في الفتاوى: وأما تقديم يوم إلى يوم يجوزه الفوراني على قول الأداء ونقله الإمام عن الأئمة وتبعه الغزالي. وقال الروياني الصحيح أنه لا يجوز. ومال الرافعي إليه وكلام الشافعي في الإملاء والبويطي فليكن هو الصحيح. وأما تقديم يومين فقال الماوردي : إن اليوم الأول ليس وقتا لجميعها إجماعا. وعليه فليس في الرمي جمع تقديم.
قال العلامة ابن قدامة الحنبلي رحمه الله: ومباح للرعاة أن يؤخروا الرمي, فيقضوه في الوقت الثاني. وجملة ذلك أنه يجوز للرعاة ترك المبيت بمنى ليالي منى , ويؤخرون رمي اليوم الأول , ويرمون يوم النفر الأول عن الرميين جميعا; لما عليهم من المشقة في المبيت والإقامة للرمي . وقد روى مالك, عن عبد الله بن أبي بكر , عن أبيه , عن أبي البداح بن عاصم, عن أبيه, قال: {رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر, ثم يجمعوا رمي يومين بعد يوم النحر, يرمونه في أحدهما } قال مالك: ظننت أنه في أول يوم منهما, ثم يرمون يوم النفر. رواه ابن ماجه, والترمذي. وقال: حديث حسن صحيح, رواه ابن عيينة, قال: رخص للرعاء أن يرموا يوما, ويدعوا يوما. وكذلك الحكم في أهل سقاية الحاج.
وقول مالك ظننت أنه في أول يوم منهما يعني في أول يوم من أيام النفر وهو الثاني عشر لا أنه يقدم رمي يوم الثاني عشر إلى الحادي عشر ويدل على ذلك قوله في الموطأ :عن يحيى بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح أنه سمعه يذكر أنه أرخص للرعاء أن يرموا بالليل يقول في الزمان الأول قال مالك تفسير الحديث الذي أرخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في تأخير رمي الجمار فيما نرى والله أعلم أنهم يرمون يوم النحر فإذا مضى اليوم الذي يلي يوم النحر رموا من الغد وذلك يوم النفر الأول فيرمون لليوم الذي مضى ثم يرمون ليومهم ذلك لأنه لا يقضي أحد شيئا حتى يجب عليه، فإذا وجب عليه ومضى كان القضاء بعد ذلك، فإن بدا لهم النفر فقد فرغوا، وإن أقاموا إلى الغد رموا مع الناس يوم النفر الآخر ونفروا.
وفي مسند أحمد عن أبي البداح بن عاصم بن عدي عن أبيه قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل في البيتوتة أن يرموا يوم النحر ثم يجمعوا رمي يومين بعد النحر فيرمونه في أحدهما قال مالك ظننت أنه في الآخر منهما ثم يرمون يوم النفر).
وأما مسألة الإمارة في السفر للجماعة فمشروعة للأدلة التالية:
1- روى أبو داود من حديث أبي هريرة وأبي سعيد: إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم،
2- روى أحمد في المسند عن عبد الله بن عمرو. قال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لثلاثة نفر يكونون بفلاة من الأرض إلا أمروا عليهم أحدهم.
إلا أن الطاعة في هذه الإمارة وغيرها مقيدة بالطاعة في المعروف، أما إذا أمر بمعصية الله فلا طاعة له لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . رواه أحمد وصححه السيوطي والهيثمي.
وفي الصحيحين عن علي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشا وأمر عليهم رجلا، فأوقد نارا وقال: ادخلوها، فأراد ناس أن يدخلوها. وقال الآخرون: إنا قد فررنا منها. فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للذين أرادوا أن يدخلوها: لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة. وقال للآخرين قولا حسنا, وقال: لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف.
وعليه فلا حرج على السائل في ترك طاعة أمير الرفقة في الحج في تقديم الرمي عن وقته؛ لأنه أمر بغير معروف، بل أمر بما فيه مخالفة شرعية، فمن لم يطعه لا يقال عنه بأنه خارج عن طاعة الأمير ولا يلتفت إلى ما قد يشاع عنه في ذلك لأن بإمكانه أن يثبت مخالفة هذا الأمير للشرع .
وما فعلته وهو التأخر إلى اليوم الثاني عشر والرمي بعد الزوال هو السنة وهو الحق نسأل الله جل جلاله أن يثيبك ويثبتك على الحق. ونعتذر لك عن إرشادك إلى بحث خاص على الوورد في هاتين المسألتين.
وأما المفتي في الشبكة فهم جماعة من أهل العلم المتخصصين في علوم الشريعة.
والله أعلم.