السؤال
المرجو أن تجيبوني إن شاء الله تعالى، أريد معاني الصدق العدل الصبر والشكر؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالصدق هو قول الحق وفعل الحق، فيكون في الأقوال والأفعال، وهو ضد الكذب والفجور، قال النووي: الصدق هو الإخبار على وفق ما في الواقع، ولا يزال الرجل يصدق أي في قوله وفعله حتى يكتب عند الله صديقا. ويجب على المسلم أن يكون صادقا متصفا بالصدق مع ربه ومع نفسه ومع غيره من عباد الله، وقد ورد في فضله قوله صلى الله عليه وسلم: إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكون صديقا. وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا. متفق عليه.
وأما العدل فهو القسط في الحق؛ كما قال ابن حجر، والعدل أيضا هو المساواة في المكافأة في خير أو شر، والعدل هو التوسط بين طرفي الإفراط والتفريط. قاله المناوي. ونقل القرطبي في تفسيره عن ابن العربي قال: العدل بين العبد وبين ربه إيثار حقه تعالى على حظ نفسه، وتقديم رضاه على هواه، والاجتناب للزواجر، والامتثال للأوامر. وأما العدل بينه وبين نفسه فمنعها مما فيه هلاكها، قال الله تعالى: ونهى النفس عن الهوى. وعزوب الأطماع عن الأتباع، ولزوم القناعة عن كل حال ومعنى. وأما العدل بينه وبين الخلق فبذل النصيحة، وترك الخيانة فيما قل وكثر، والإنصاف من نفسك لهم بكل وجه، ولا يكون منك إساءة إلى أحد بقول ولا فعل ولا في سر ولا في علن، والصبر على ما يصيبك منهم من البلوى. وأقل ذلك الإنصاف وترك الأذى. قلت: هذا التفصيل في العدل حسن وعدل. انتهى.
ومن أسمائه سبحانه وصفاته العدل، قال أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري في كتابه النهاية في غريب الحديث والأثر: العدل هو الذي لا يميل به الهوى فيجور في الحكم. وهو في الأصل مصدر سمي به فوضع موضع العادل وهو أبلغ منه لأنه جعل المسمى نفسه عدلا. انتهى.
وأما الصبر فانظر في معناه وأنواعه الفتوى رقم: 17964.
والشكر نوع من الجزاء، قال العيني: والشكر هو الثناء على المحسن بما أولاه من المعروف.
وقال العظيم آبادي في عون المعبود هو: الاعتراف بالمنعم الحقيقي، ورؤية كل النعم دقيقها وجليلها منه. وكماله أن يقوم بحق النعم ويصرفها في مرضاة المنعم.
ولابن القيم رحمه الله تعالى كلمة جميلة في هذا المقام حيث يقول: أصل الشكر هو الاعتراف بإنعام المنعم على وجه الخضوع له والذل والمحبة، فمن لم يعرف النعمة بل كان جاهلا بها لم يشكرها، ومن عرفها ولم يعرف المنعم بها لم يشكرها أيضا، ومن عرف النعمة والمنعم لكن جحدها كما يجحدها المنكر لنعمة المنعم عليه بها فقد كفرها، ومن عرف النعمة والمنعم بها وأقر بها ولم يجحدها ولكن لم يخضع له ولم يحبه ولم يرض به وعنه لم يشكره أيضا، ومن عرفها وعرف المنعم بها وأقر بها وخضع للمنعم بها وأحبه ورضي به وعنه واستعملها في محابه وطاعته فهذا هو الشاكر لها، فلا بد في الشكر من علم القلب وعمل يتبع العلم، وهو الميل إلى المنعم ومحبته والخضوع له.
والله أعلم.