0 177

السؤال

أنا طبيب أسنان أنتسب إلى نقابة الأسنان وأريد أن أعرف الفتوى الشرعية في بعض الأموال التي توزع لنا من قبل النقابة سنويا تحت مسمى " أرباح سنوية "
أما قصة هذه الأرباح فهي كالتالي :
نقابتنا متعاقدة مع بعض المؤسسات الحكومية الموجودة في البلد بعقد يتم من خلاله معالجة موظفي تلك المؤسسات من قبل أطباء النقابة بموجب تحويلة طبية من أطباء تلك المؤسسات على أن تسدد المبالغ المترتبة على المعالجة من قبل تلك المؤسسات لاحقا .
أما روتين هذه المعالجة فيتم كالتالي:
يذهب المريض إلى طبيب مؤسسته ويجلب تحويلة إلى فرع النقابة حيث يتم فحصه من قبل طبيب النقابة المختص ليشخص له حالته ويحدد له خطة المعالجة المقترحة ويعطيه ورقة تبين له التشخيص والعلاج
ثم بعد ذلك يكون للمريض حرية الذهاب إلى أي طبيب من الأطباء المنتسبين إلى النقابة لإجراء العلاج اللازم له وبعد انتهاء المعالجة يمهر الطبيب بخاتمه التحويلة الطبية ثم يعود المريض إلى مؤسسته لتسجيلها هناك ويعيدها للطبيب الذي يقوم بدوره بإرسالها إلى فرع النقابة وتسجيلها تحت مسمى التحويلات الشهرية للطبيب .
- الذي يحدث أن النقابة تقتطع من كل تحويلة طبية مبلغا ثابتا – وقدره حاليا " 58 ل . س " - هذا المبلغ يتم جمعه سنويا تحت مسمى " الأرباح السنوية لفرع النقابة " ثم تقوم النقابة بتوزيعه بالتساوي على أطباء الفرع.
ما أريد أن أسأل عنه هو:
1- هل يجوز أن آخذ هذا المال حتى ولو لم أكن قد قدمت أي تحويلة في هذه السنة ؟
2- إذا كان يجوز لي أن آخذ هذا المال فإن لي بعض الملاحظات على ما يحدث أثناء تحديد خطة المعالجة من قبل الطبيب المختص فيمكن أن يحدث أحيانا أن يقوم الطبيب بزيادة بعض المعالجات غير الضرورية بحجة التعويض على المريض في الحالات التي لا تقوم المؤسسة بالتعويض عنها فهل يجوز بعد ذلك أن آخذ المال ؟
3- وإذا كان لا يجوز أن آخذ هذا المال فماذا أفعل به ؟
جزاكم الله خيرا وعذرا على طول الرسالة

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فما ذكرت أن نقابتكم متعاقدة عليه مع بعض المؤسسات الحكومية الموجودة في بلدكم، وأن هذا العقد تتم بموجبه معالجة موظفي تلك المؤسسات من قبل أطباء النقابة بالتفصيل الذي بينته في سؤالك، هو قريب مما يسميه الفقهاء بشركة الأعمال أو الأبدان.

وشركة الأعمال أو الأبدان قد منعها علماء الشافعية لما فيها من الغرر، وهي جائزة عند الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة.

ولكن المجيزين لهذا النوع من الشركة يشترطون له شروطا لا نراها متوفرة فيما ذكرته عن نقابة الأسنان التي هي موضوع السؤال.

فلم نقف -فيما وقفنا عليه من أحكام الشركة- على صحة استبداد كل واحد من الشركاء بما يحصل عليه من أجرة، ويكون الاشتراك في قدر من المال ثابت يقتطع من كل تحويلة ليوزع سنويا على سائر المنتمين إلى النقابة.

ثم إن المالكية يشترطون لصحة شركة الأعمال أن يكون أصحابها في مكان واحد. قال في المدونة: قلت: أرأيت الحدادين والقصارين والخياطين والخرازين والصواغين والسراجين والفرانين وما أشبه هذه الأعمال, هل يجوز لهم أن يشتركوا؟ قال: قال مالك: إذا كانت الصناعة واحدة, خياطين أو قصارين أو حدادين أو فرانين, اشتركا جميعا على أن يعملا في حانوت واحد, فذلك جائز. ولا يجوز أن يشتركا فيعملان هذا في حانوت, وهذا في حانوت, أو هذا في قرية, وهذا في قرية أخرى, ولا يجوز أن يشتركا, وأحدهما حداد والآخر قصار...

وعليه، فإذا كان علماء الشافعية يمنعون شركة العمل مطلقا، والمالكية يشترطون لصحتها أن يكون جميع المشتركين في نفس المكان –وهو ما لا يتصور وقوعه عند النقابة المذكورة-، وكان القدر المشترك هو مبلغ يقتطع من كل تحويلة، وهو ما لم نقف على مبيح له من أهل العلم، لم يبق إلا أن نستنتج فساد هذه الشركة.

وإذا ثبت ما ذكرناه من الفساد، فإن لكل شريك أن يسترجع ما كان قد اقتطع منه فقط، عملا بمقتضى قول الله تعالى: وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون {البقرة:279}. وما سوى ذلك فعليه أن يرده إلى النقابة لترده إلى مستحقيه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة