من أنفق على أخيه نفقة غير واجبة هل له أن يرجع بها

0 212

السؤال

بعد التحية والتقدير لشخصكم الكريم ، أود أن أطرح مشكلتي وكلي رجاء أن أجد الإجابة الكافية عن تساؤلاتي ، في البداية نحن عائلة مكونة من ستة أفراد، أبي وأمي وأنا أكبر الذكور وأخي الذي يصغرني ببضع سنوات وأختين بنات ، تكمن مشكلتي في أخي الذي يصغرني ببضع سنين حيث إن أبي رجل كبير في السن معتل الصحة ولا يستطيع أن يعمل بل هو بحاجة للعناية والانتباه وكذلك أمي وبالتالي يفترض أن نكون أنا وأخي المعيلان للأسرة ، وكنت قد اتفقت مع أخي أن أقوم بتحمل جميع الالتزامات خصوصا المادية حتى يحصل على عمل ويستقر على أن يقوم بردها لي لاحقا حيث إني تكبدت المشقات وعانيت أشد العناء في توفيرها لأسرتي حيث إني أعمل في التجارة الحرة ودخلي ليس ثابتأ وليس فقط لأسرتي بل له هو شخصيا حيث ساهمت في تعديل وضعه وسرعته للاستقرار وتأهيله للحصول على وظيفة جيدة، وبعد أن وجد عملا جيدا واستقر ومرت فترة طويلة كفيلة باستقراره وأيضا لم أبخل في هذه الفترة في مساعدته بكل الطرق ، قمت بالطلب منه باسترداد ما تكلفته طول هذه الفترة العصيبة التي مرت علي حيث إن التزاماتي كثيرة وفوجئت بالرفض من قبله، الأمر الذي فجعني ، حتى إني لم أطلب منه كامل ما تكلفته بل أي مبلغ يقرره هو حسب استطاعته ومقدرته ولكن رفض مما أذاني نفسيا، والأمر الثاني الذي زاد جراحي وجراح أسرتي وبالتحديد أبي وأمي الذي أتعبهم نفسيا وآذاهم أشد إيذاء هو تجاهله لمتطلباتهم ليست المادية البسيطة التي لا أستطيع أنا القيام بها جميعا وأنا أقضي معظم وقتي في عملي لإيفاء احتياجاتهم حيث كما ذكرت سابقا هم في أمس الحاجة إلى الرعاية وتلبية متطلباتهم وهي بسيطة ويستطيع أن يقوم بها مثل مراجعات الطبيب وإحضار بعض الأدوية وإحضار مؤن البيت وبعض الطلبات البسيطة ، حتى أني فكرت باسترداد بعض المبالغ منه لأستطيع توظيف شخص للقيام برعاية أمي وأبي . أعتذر عن الإطالة واستفساري هو : هل رده لي يمكن أن يكون صحيحا بأي منظور كان ؟وهل يوجد خطأ بتسجيل وإقرار دينه لي ، حيث إنه أخبرني أنه سأل بعض الشيوخ وأجابوا بالنفي،ـ وأخيرا ما رأي الشرع في إعالة الوالدين والأسرة ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فسؤالك هذا يتلخص في نقطتين هما:

·       ما إذا كان من حقك أن تسترد من أخيك المبالغ التي كنت قد صرفتها عليه.

·       وما إذا كان هو مطالبا بمساعدتك في رعاية أبويكما في مراجعات الطبيب وإحضار بعض الأدوية وإحضار مؤن البيت ونحو ذلك من الطلبات البسيطة.

وقبل أن نبدأ بالإجابة عما سألت عنه، نوصيك بأن تحرص على الإحسان إلى أبويك، عملا بقول الله تعالى: وبالوالدين إحسانا {البقرة: 83} والإحسان إليهما يكون بالحرص على ما يسرهما، والبعد عما يسوؤهما قولا وفعلا، ويتأكد هذا إذا كبرا. قال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما* واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء: 23-24}.

وفي الحديث: رغم أنف، ثم رغم أنف، ثم رغم أنف، قيل: من يا رسول الله؟ قال: من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كليهما فلم يدخل الجنة. رواه مسلم وأحمد.

وذكر أخاك بما تحملته والدته من المشاق والمتاعب بسببه أيام الحمل والوضع والرضاعة والحضانة حتى كبر، وما تحمله أبوه من ذلك، أفما يحسن بمن تحمل منه أبواه هذه المعاناة كلها مع كمال الحب والعطف والرحمة والرفق والحرص على مصالحه أن يحرص بعد ضعفهما وكبرهما على الرفق بهما والإحسان إليهما والتلطف بهما والعناية والرحمة بهما والقيام بمصالحهما.

وفيما يتعلق بموضوع سؤالك الأول، فإن من أنفق على شخص نفقة غير واجبة عليه شرعا، له أن يرجع بما أنفق إذا كان للمنفق عليه مال يعلم به المنفق، قال خليل في مختصره: وعلى الصغير إن كان له مال علمه المنفق وحلف أنه أنفق ليرجع عليه... ومعناه أنه لو أنفق أجنبي على صغير له مال حين الإنفاق عليه، فله الرجوع في ماله ويحلف أنه أنفق ليرجع إلا أن يشهد على ذلك حين الإنفاق فلا يمين عليه حينئذ.

والذي يظهر من السؤال هو أن أخاك لم يكن له مال حين إنفاقك، وعليه فلا نرى أن لك الرجوع عليه بما أنفقت، إلا أنه كان ينبغي له أن يعترف بما كان لك عليه من الفضل، ويسعى في مكافأتك.

وأما القيام بشؤون أبويكما، فإن عليه منه مثل الذي عليك. وراجع في هذا فتوانا رقم: 43328.

والله أعلم .  

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة