السؤال
العبد لله من أقدم زبائن هذا الموقع، بل أكاد أجزم بأنني أول من كان يفتحه أثناء فترة التجهيز والإعداد، وقد أعجبتني كل الأبواب تقريبا التي تعمل وتبث من خلاله، وقد سعدت جدا بباب الفتوى، لأنه ومن خلاله قد طرحت بعض الأسئلة الدينية، والتي جاءت لي بعض الإجابات عنها، ونظرا لأنني مقيم في الولايات المتحدة بالعاصمة واشنطن ومعي العديد من الأصدقاء والجيران والزملاء بالعمل من المسلمين يتبادر إلى أذهاننا بعض الأسئلة الدينية التي نحتاج إلى إجابات عنها. وقد كنت أوجههم إلى باب الفتاوى في هذا الموقع الجميل، إلا أنه ومنذ فترة كبيرة أصبحنا نشكو من عدم استطاعتنا فتح هذا الباب لإدخال أي أسئلة جديدة، أقول أنه ربما يكون عليكم ضغط كبير.. ولكن هذا لا يمنع أن توضحوا لنا أن هناك ضغطا أو عطلا بهذا الباب والحقيقة أنني فكرت بصفة شخصية أن أرسل لكم من خلال هذه الزاوية بهذه الشكوى كما أنني أدرج بعض الأسئلة التي تراكمت لدينا، ولا نجد لها إجابة مع جزيل شكري وتقديري مع رجاء أحر الرجاء الاهتمام بهذه الرسالة والرد عليها. 1/ أعمل في إحدى الشركات التي تقوم باستضافة شخصيات أجنبية على العشاء أو الغداء ويتم تناول الخمور، والحقيقة أنني لا أعلم، أو غير متأكد من مدى حرمة جلوسي، أو وقوفي بجوار شارب الخمر، لأنني كنت قد قرأت أن جليس شارب الخمر يجلد معه في حالة إقامة الحد. وما حكم من يرسل فاكسا أو يكتب خطابا للشركة التي تورد الخمور بناء على طلب المدير بطلب كميات معينة، فالمعلوم أن اللعنة على شاربها وبائعها وحاملها فما حكم من أرسل في طلبها؟؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأيها السائل الكريم نشكرك على متابعتك للموقع، ونود أن ننوه إلى أننا لم نقم بإغلاق الموقع، ولكن يأتي الإغلاق عادة لأسباب فنية خارجة عن إرادتنا.
وفقنا الله وإياك لما يحب ويرضى.
ثم إن الواجب على المسلم أن ينأى بنفسه عن جلساء السوء، وأن يصونها عن الأماكن القذرة، ولا يدخلها المداخل التي يشاهد فيها ارتكاب المنكرات، في الوقت الذي لا يستطيع أن يحرك أي شيء، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك، ونافخ الكير. فحامل المسك: إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا منتنة" متفق عليه.
فالرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ينفر من جليس السوء، ويبين أن جليسه من المستحيل أن يسلم من عدواه، ولا شك أن مجالسة العصاة في حالة الاختيار، وحال تلبسهم بمعاصيهم مع عدم الإنكار عليهم، فيها نوع من الركون لهم، والرضى بممارساتهم. أما في حالة اضطرار المسلم إلى التعايش مع هؤلاء الكفرة، فيجب عليه أن ينكر عليهم ما ارتكبوه من المعاصي حسب استطاعته.
أما استيراد الخمور لهم فهو من المحرمات التي يخشى على صاحبها من الدخول في الوعيد الوارد في حق شاربها وبائعها إلى آخر المذكورات في الحديث، وذلك لأن هؤلاء إنما استحقوا اللعنة لمشاركتهم للشارب في إعدادها وتهيئتها، ولا شك أن مقدم الطلب هو أول المساعدين والمعدين، فأقل أحواله إذن أن يكون مثلهم، ثم إن الله تعالى قال: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) [المائدة: 2].
فلتبتعد أخي الكريم عن ساحة هؤلاء الظلمة، ولتطلب لنفسك رزقا حلالا طيبا تؤجر على جمعه، ويقبل منك التقرب إلى الله به، والتصدق منه.
والله أعلم.