السؤال
ما حكم إذا قيل في الشتاء نوة كذا أو كذا، وهل هناك حديث عن ذلك ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد ذكر أهل العلم أن النوء مشتق من ناء النجم ينوء نوءا أي سقط وغاب ، وبيان ذلك أن ثمانية وعشرين نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها، وهي المعروفة بمنازل القمر الثمانية والعشرين يسقط في كل ثلاثة عشرة ليلة منها نجم في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته، وكان أهل الجاهلية إذا كان عند ذلك مطر ينسبونه إلى الساقط الغارب منهما، وقال الأصمعي إلى الطالع منهما .
وعليه؛ فإذا كان المقصود بنوة كذا ظهور نجم ما فلا بأس بذلك ، وإن كان المقصود أن النوء ميقات وعلامة على المطر الذي يكون في الشتاء، وأن ذلك المطر بفضل الله وبرحمته فالأولى ترك ذلك ، أما إذا كان المقصود أن نزول المطر بفعل النوء وأنه المدبر المنشئ له كما كان يعتقد أهل الجاهلية فلا يجوز ذلك، بل هذا كفر بالله تعالى، ففي الصحيحين عن زيد بن خالد رضي الله عنه قال : صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليلة، فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الناس فقال : أتدرون ماذا قال ربكم، قالوا الله ورسوله أعلم، قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر ، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب ، وأما من قال بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب . قال الإمام النووي : اختلف العلماء في كفر من قال مطرنا بنوء كذا على قولين : أحدهما هو كفر بالله سبحانه سالب لأصل الإيمان مخرج من ملة الإسلام، قالوا وهذا فيمن قال ذلك معتقدا أن الكوكب فاعل مدبر منشئ للمطر كما كان بعض أهل الجاهلية يزعم ، ومن اعتقد هذا فلا شك في كفره ، وهذا القول هو الذي ذهب إليه جماهير العلماء والشافعي منهم وهو ظاهر الحديث ، قالوا وعلى هذا لو قال مطرنا بنوء كذا معتقدا أنه من الله تعالى وبرحمته، وأن النوء ميقات له وعلامة اعتبارا بالعادة فكأنه قال مطرنا في وقت كذا فهذا لا يكفر ، واختلفوا في كراهته، والأظهر كراهته لكنها كراهة تنزيه لا إثم فيها، وسبب الكراهة أنها كلمة مترددة بين الكفر وغيره، فيساء الظن بصاحبها، ولأنها شعار الجاهلية ومن سلك مسلكهم . انتهى .
والله أعلم .