السؤال
سؤالي عن امرأة ملتزمة غير أن زوجها غير ذلك وهي تحاول منذ زمن معه ليعود إلى الصراط المستقيم وقد استغل مؤخرا طيبتها متظاهرا بالتوبة وأنه قرر بدء مشروع للرزق الحلال شرط أن تساعده بأموالها فوثقت به وأعطته دفتر صكوكها مع إعلامه بالمبلغ الذي تملكه في رصيدها غير أنه خان الأمانة وأصدر شيكات كثيرة بدون رصيد وهي الآن مهددة بالسجن وتفكر في الهروب إلى بلد مجاور خوفا من التتبعات العدلية وهي في حاجة إلى بعض المال لتفعل ذلك فهل يجوز لها فعل ذلك وهل يجوز إعانتها بالمال أو بغيره للفرار ؟ أفيدونا رحمكم الله .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أخطأ هذا الزوج خطأ كبيرا بما اقترفه من خيانة أمانته، وبما أكل من الأموال بغير حق. فقد قال الله تعالى: إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها {النساء: 58}. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك, ولا تخن من خانك . رواه أبو داود، والترمذي والحاكم. وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم خيانة الأمانة علامة من علامات النفاق فقال: آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان . رواه البخاري ومسلم.
ولا شك في أن ما فعله هذا الزوج يعتبر ضررا بالغا، تستحق به الزوجة الطلاق منه إن كانت تريد ذلك. ولكن الذي يمكن أن يحكم بالطلاق هو القاضي الشرعي إذا ثبت عنده هذا الضرر. وقبل الحكم للزوجة بالطلاق فإنها باقية على حكم الزوجية، ولا شك أيضا في أن من حق المظلوم أن يفر من الظلم إذا لم يجد وسيلة ينجو بها غير الفرار.
وعليه، فإن موضوع هروب هذه المرأة، ينظر فيه من عدة نواح هي:
1ـ ما إذا كان في إمكانها إثبات إضرار الزوج بها لتنال بذلك الطلاق منه إن كانت تريده.
2ـ ما إذا كان في الإمكان نجاتها من المتابعات العدلية إذا أعلنت عن حقيقة ما جرى.
3ـ ما إذا كان يتوفر لها محرم يرافقها في هذا الهروب الذي تريده.
4ـ مدى خشية الفتنة في إقامتها في الدولة التي تريد الهروب إليها ، فإذا أمكنها الجمع بين النجاة مما يمكن أن يلحقها من الضرر وبين عدم ارتكابها لأمر محرم، كان ذلك متعينا عليها ، وإن لم يمكن ذلك فعليها أن ترتكب أخفها ضررا، لأن من قواعد الشرع ارتكاب أخف الضرين إن لم يمكن تجنبهما.
وأما إعانتها بالمال أو بغيره فيما تريده من الهروب، فإن إباحته أوعدم إباحته يتبعان لإباحة الهروب أو عدم إباحته ، فإن قلنا بإباحة هروبها جاز إعانتها عليه، وإن قلنا بعدم إباحة ذلك حرم إعانتها عليه. قال الله تعالى: وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان {المائدة :2} .
والله أعلم.