السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... أما بعد:
فسؤالي لفضيلتكم يدور حول موضوع الضرائب، ما الحكم الشرعي للضرائب التي ندفعها تحت مسميات عدة (ضريبة دخل, ضريبة أرباح رأسمالية, ضريبة دعاية وإعلان, ضريبة بلدية........) وغير ذلك الكثير الكثير، فمن المعلوم أن المرء سيسأل عن ماله: من أين حصله وأين صرفه، فهل علينا إثم أو وزر من وراء دفعها؟ السؤال الثاني: هو أنه عندما يأتي الجابي ليحصل الضريبة المترتبة علي يمكن أن يبقى قسم من الذي أدفعه في ذمة الجابي، مثلا يمكن أن يكون الرقم 2190 فأقوم بإعطائه 2200 فيبقى عشرة أنا أخجل أن أطالبه بها وهو لا يعرضها علي فهل هذه تعتبر رشوة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس من شك في أن المسلم مسؤول أمام الله تعالى عن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، كما ورد في الحديث الشريف، وفيما يتعلق بموضوع الضريبة، سواء كانت ضريبة دخل، أو ضريبة أرباح رأسمالية، أو ضريبة دعاية وإعلان، أو ضريبة بلدية أو غير ذلك من الضرائب، فإنه لا يجوز للدولة أن تفرضها على المواطنين إلا إذا كانت تريد أن توفر بما تجنيه منها الخدمات اللازمة، كتعبيد الطرق وبناء المستشفيات والمدارس وغير ذلك من المصالح العامة، وبشرط أن تستنفد كل ما في بيت المال (الخزينة العامة).
وأما جعل ضرائب على المواطنين بدون مقابل أو جعلها عليهم وفي بيت المال ما يكفي للقيام بالخدمات اللازمة والمصلحة العامة فإن ذلك محرم شرعا، وآخذها عرضة لأن لا يدخل الجنة، كما ثبت في المسند من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يدخل الجنة صاحب مكس يعني العشار. ولك أن تراجع في هذا الفتوى رقم: 5811.
وفي الحالات التي لا يجوز فيها وضع الضرائب فإنه لا يجوز دفعها إلا إذا كان المرء مجبرا على ذلك، فإنه حينئذ ينتفي عنه الإثم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. أخرجه أحمد وابن ماجه عن أبي ذر وهو صحيح.
وإذا قلنا بعدم جواز دفع الضريبة، فمن باب أولى أن لا يجوز ترك شيء زيادة عليها للجابي، وسواء كانت الضريبة من النوع الذي يجوز وضعه أو من النوع الثاني، فإن تنازلك عن شيء زيادة عليها حياء، لا يبيحه للمتنازل له، لقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه. رواه الإمام أحمد.
وعلى أية حال فإنه لا يعتبر رشوة إلا إذا كنت تتركه من أجل إبطال حق أو إحقاق باطل.
والله أعلم.