السؤال
المشائخ الكرام أنا شخص مقيم في أمريكا اشتريت من أحد الزنوج الأمريكان كروت هدايا بمبلغ أقل من قيمتها أعني بكروت الهدايا هو أنه في حالة أني أريد أن أعطي أحد أصدقائي هدية وأنا لا أدري ماذا يحب، فإني بدلا عن ذلك أقوم بشراء كرت من أحد المحلات التجارية الكبرى بالمبلغ الذي أنا أريد أن أهديه وأعطي هذا الكرت لصديقي فيقوم هو يأخذ الكرت هذا ويذهب إلى المحل ويشتري ما يشاء، الكروت التي اشتريتها قيمتها الحقيقة 7000 دولار أمريكي وأنا اشتريتها بمبلغ كاش نقدا وقدره 3000 دولار أمريكي وذهبت واشتريت بالكرت أشياء من المحل التابع للشركة التي أصدرت الكرت بالمبلغ المدون على الكرت وهو 7000 دولار أمريكي، فما حكمكم في هذا، علما بأني لا أعلم هل هذا ربا أم لا، وإذا كان ربا فماذا يجب علي، علما بأني لا أستطيع أن أرد الأشياء التي اشتريتها إلى المحل فقد أتعرض لبعض المخاطر كالحبس أو أي شيء من هذا القبيل وإن قمت بإرسال ما اشتريت من كمبيوترات عن طريق البريد إلى المحل الذي اشتريتها منه فسوف أخسر المال الذي دفعته وأيضا الشركة التي اشتريت منها الكمبيوترات لم تخسر شيئا لأنها لم تعطني ما أخذت من كمبيوترات إلا بعد أن دخلت قيمة البضاعة في حسابها وأيضا إذا كانت المبالغ سحبت من حساب شخص آخر فإنه سوف يقوم بالإبلاغ وفي الأخير سوف تتحمل شركات التأمين المسؤولية، وفي حالة كانت فتواكم أن ما قمت به ربا ويجب علي أن أتصدق بالفارق فهل أتصدق بفارق المبلغ أي 4000 دولار أو أتصدق بالمبلغ الذي سوف أحصل عليه بعد بيع الأجهزة، علما بأني اشتريت بالمبلغ ستة كمبيوترات محمولة لغرض البيع ولا أدري بكم سوف أبيعها، يعني إذا قمت ببيع الأجهزة فقد أحصل مثلا على 5000 دولار لذلك أريد أن أعرف هل أتصدق بـ 2000 دولار وهو الفارق بين بيعي وشرائي، أو أتصدق بـ 4000 دولار وهو الفارق بين شرائي والسعر الحقيقي للكمبيوترات في المحل، والرجاء منكم أن تسامحوني على الإطالة، علما بأن الفتوى التي سوف تصدرونها لي سوف أرسلها إلى كل من يتعامل بهذه الطريقة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأولا ينبغي أن نفرق بين شراء هذا النوع من الكرت بطريقة قانونية عند من يتعاملون به وبين شرائه عن طريق غير قانونية، والذي يظهر أن السائل اشتراه من شخص أخذه عن طريق السرقة بدليل قوله إنه قد يتعرض للحبس إذا ما قام برد الأشياء إلى المحل، وقوله إن هذا المبالغ قد تكون سحبت من حساب شخص آخر وعلى هذا، فإذا كان السائل يوم اشترى الكرت يعلم حقيقة الأمر فقد ارتكب إثما بشرائه المسروق من سارقه وهو يعلم، ويجب عليه التوبة إلى الله عز وجل ورد المسروق أو قيمته إلى صاحبه إن أمكن وإلا تصدق بها على الفقراء والمساكين، وما دفعه مقابل هذا الكرت يعود به على السارق، فإن تعذر ذلك فليس له مطالبة غيره به، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 3824، وراجع كذلك الفتوى رقم: 69855 في حكم من سرق بطاقة ائتمان.
الصورة الثانية أن يتم شراء الكرت بطريقة قانونية فنقول إن شراء الهدايا بهذه الصورة ممنوع شرعا لأن المبيع (الهدايا) مجهول فمشتري الكرت لا يعلم ما هي العين المباعة أهي ساعة أم كمبيوتر أم مسجل... أم ماذا؟
وقد نص الفقهاء على أن شراء ثوب من أثواب أو شاة من قطيع ممنوع للجهالة كما جاء في الشرح الكبير: ولا يجوز أن يبيع غير معين لأنه مجهول ولأنه غرر، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغرر... ولا يجوز بيع شاة من قطيع لأن شياه القطيع غير متساوية، ثم قال: وكذلك شجرة من بستان لا يصح ولأن فيه غررا. انتهى.
وذهب بعض أهل العلم إلى جواز هذا البيع لكنهم اشترطوا شروطا ليست موجودة في الصورة المعروضة، فالبناني من المالكية يقول ناقلا عن المدونة: وكل شيء ابتعته من سائر العروض والماشية عدا الطعام على أن يختار منه عددا يقل أو يكثر بثمن مسمى فذلك جائز في الجنس الواحد.
يعني ثوبا من أثواب أو ساعة يد من ساعات يد.... وأن تكون هذه الأشياء معينة يعني ثوبا من عشرين ثوب معينا وهكذا وفي مسألتنا أجناس كثيرة وغير معينة، وإذا تقرر ذلك فإن هذا البيع باطل ويجب فسخه، فيرد الكرت إلى صاحبه والمال إلى صاحبه كذلك وكأن شيئا لم يكن.
هذا وأما عن سؤال الأخ السائل هل هذه المعاملة ربوية أم لا؟ فنقول ليس هذا من باب الربا لأن الكرت ليس مالا مقابل مال وإنما هو عرض مقابل مال في حقيقة الأمر، وبالتالي لا يدخل في باب الربا.
والله أعلم.