السؤال
ماحكم من يتعامل مع شخص يتعامل مع الجن في الخير فقط في علاج بعض الأمراض وفك السحر.ولايستخدم الجن إلا في عمل الخير وعرف عن هذا الشخص التقوى والورع . وهل هناك أشخاص يتمتعون بكرامات من الله عز وجل . وهل يكون تسخير الجن للشخص مسخرين في عمل الخير له كرامة من عند الله سبحانه . أفيدونا جزاكم الله خيرا بأسرع وقت ممكن .
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا يجوز الاستعانة بالجن ولو في أمور يظهر أنها من أعمال الخير، لأن الاستعانة بهم تؤدي إلى مفاسد كثيرة، ولأنهم من الأمور الغيبية التي يصعب على الإنسان فيها الحكم عليهم بالإسلام، أو الكفر، أو الصلاح، أو النفاق، لأن الحكم بذلك يكون بناء على معرفة تامة بخلقهم ودينهم والتزامهم وتقواهم وهذا لا يمكن الاستيثاق منه لانعدام مقاييس تحديد الصادقين والكاذبين منهم بالنسبة إلينا.
ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خلفائه الراشدين، ولا الصحابة ولا التابعين، أنهم فعلوا ذلك، أو استعانوا بهم، أو لجؤوا إليهم في حاجاتهم.
ومع انتشار الجهل في عصرنا وقلة العلم قد يقع الإنسان في الشعوذة والسحر، بحجة الاستعانة بالجن في أعمال الخير، وقد يقع في مكرهم وخداعهم وهو لا يشعر، إلى ما في ذلك من فتنة لعامة الناس، مما قد يجعلهم ينحرفون وراء السحرة والمشعوذين بحجة الاستعانة بالجن في أعمال الخير. وما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه من أن استخدامهم في المباح والخير جائز كاستخدام
الإنس في ذلك، فإنه في آخر كلامه ذكر أن من لم يكن لديه علم تام بالشريعة قد يغتر بهم ويمكرون به.
قال ابن مفلح في الآداب الشرعية:" قال أحمد في رواية البرزاطي في الرجل يزعم أنه يعالج المجنون من الصرع بالرقى والعزائم، أو يزعم أنه يخاطب الجن ويكلمهم، ومنهم من يخدمه. قال: ما أحب لأحد أن يفعله، تركه أحب إلي"
والكرامات جمع كرامة وهي الأمر الخارق للعادة، يظهره الله على يد عبد صالح، ومتبع للسنة.
والتصديق بكرامات أولياء الله الصالحين، وما يجريه الله تعالى على أيدهم من خوارق العادات، من أصول أهل السنة والجماعة.
وقد حصل من ذلك الشيء الكثير، فقد أثبت القرآن الكريم والسنة النبوية وقوع جملة منها، ووردت الأخبار المأثورة عن كرامات الصحابة والتابعين، ثم من بعدهم.
ومن أمثلة هذه الكرامات قصة أصحاب الكهف، وقصة مريم ووجود الرزق عندها في محرابها دون أن يأتيها بشر، وهما مذكورتان في القرآن الكريم.
وقصة أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة، فدعوا ربهم وتوسلوا إليه بصالح أعمالهم، فانفرجت عنهم. والقصة في الصحيحين. وقصة عابد بني إسرائيل جريح لما اتهم بالزنا فتكلم صبي رضيع ببراءته. وهي في صحيح البخاري.
ووجود العنب عند خبيب بن عدي الأنصاري رضي الله عنه حين أسرته قريش، وليس بمكة يومئذ عنب. وهي في البخاري. وغيرها من الكرامات.
ولكن مما ينبغي التنبه له: أن المسلم الحق لا يحرص على الكرامة، وإنما يحرص على الاستقامة. وأيضا فإن صلاح الإنسان ليس مقرونا بظهور الخوارق له، لأنه قد تظهر الخوارق لأهل الكفر والفجور من باب الاستدراج، مثل ما يحدث للدجال من خوارق عظام.
فالكرامة ليست دليل على الاستقامة، وإنما التزام الشخص بكتاب الله وسنة رسوله هو الدليل على استقامته.
وأما من يدعي تسخير الجن له من باب الكرامة فليست دعواه صحيحة، لأن الكرامة لا تأتي للإنسان يريدها، وإنما هي تفضل من الله على أوليائه، قد يطلبونها فتحصل، وقد يطلبونها فتتخلف، وعلينا أن ننظر إلى حال الشخص للحكم عليه لا إلى كراماته.
والله أعلم.