السؤال
شيخنا الكريم هنا في مصر شقق تعاونية للشباب بقروض ميسرة على فترات طويلة يتم فيها دفع مقدم صغير ثم يتم تقسيط الباقى على 20 سنة مثلا لبنك الإسكان والتعمير الذي يأخذ فائدة 7%، أعلم أن هذا دين ربوي ولكن هناك سؤالان أرجو الإجابة عنهما جزاكم الله عنا خيرا:
أولا: هل لمن لم يستطع الحصول على أي سكن آخر للزواج الحق في هذا التعامل من باب الضرورة، أم أن الزواج لا يخضع تحت ضرورات الشريعة الخمس.ثانيا: من حصل على هذه الشقة دون علم بحرمة هذا التعامل ثم أخبر بذلك وهو الآن بين أمرين إما أن يبيع الشقة لآخر يقوم بسداد باقي الأقساط الربوية ويتملكها ويقوم هو بالاقتراض فوق ثمن الشقة المباعة للحصول على أخرى "فهل في هذه الحالة يكون قد أعان على معصية وهي أنه دل غيره على الربا وأدخله فيه" أم يجتهد فى سداد باقي ما على الشقة في خلال ثلاث إلى خمس سنوات مثلا بدلا من 20 عاما، علما بأنه سوف يدفع نفس قيمة الفائدة حتى وإن عجل في الدفع، فأفيدونا على وجه السرعة؟ جزاكم الله عنا خيرا، وهناك أمر آخر فى موضوع الشقق وهو وضع بعض الشركات التي تقوم بالتقسيط الشرعي غرامة تأخير على القسط الذي يؤخر دفعه، وهذا غير جائز لأنه أعباء دين غير جائزة، ولكن هل فساد هذا البند يفسد العقد بالكلية حتى وإن نويت عدم الوقوع فيه، وما البديل إن كانت جميع شركات المقاولات تضع هذا الشرط لضمان حقها؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقرض بالربا محرم، لا يجوز الإقدام عليه لزواج أو شراء شقة أو غير ذلك، إلا أن يكون المرء في حالة الاضطرار الشرعي المعتبر وهو أن لا يجد طريقا لتوفير مسكن إلا بهذه الوسيلة، فإذا تمكن من الاستئجار فيحرم عليه الاقتراض بالربا، وإلا فالضرورات تبيح المحظورات، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 53557.
ولا ريب أن حفظ النسل من الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها ولذلك أباحت الزواج وندبت إليه، لكن لا يعني هذا أن مجرد الرغبة في الزواج تبيح الإقدام على الحرام، كما أن الرغبة في حفظ المال -وهو أيضا من الضرورات الخمس- لا تبيح حفظه بالطرق المحرمة مثل الربا والغش والاحتكار ونحو ذلك.
ولا يجوز لمن اشترى شقة بالطريقة المذكورة أن يبيعها لغيره لأن في ذلك إيقاعا لغيره في الربا كما ذكر السائل، وإنما الواجب عليه أن يطلب من الشركة التي باعته هذه الشقة فسخ العقد واسترداد ما دفع، فإن أجابته إلى ذلك وإلا فليحتفظ بالشقة، وليقم بسداد أقساطها مع الاستغفار والتوبة إلى الله، ولا يلزمه تعجيل هذه الأقساط إذا كان سيدفع نفس القدر من الفائدة الربوية التي يلزم بها في حالة سدادها في مواعدها.
ولا يصح العقد في حالة اشتراط غرامة عند التأخير في سداد بعض الأقساط، والبديل لذلك هو أن تستبدل هذه الغرامة بالضمانات الشرعية، مثل الكفيل والرهن، ونسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد.
والله أعلم.