السؤال
قد حصل لي شيء قبل يومين جعلني أعيش في حيرة شديدة وفي شك في طهارة موقع الصلاة, فقد كنت وضعت أغطية للفراش معها ملابس أخرى وبعضها فيها مذي والأغطية هي التي نستعملها أنا وزوجتي والتي عادة ما يصلها شيء من مخلفات الجماع والتي لا تخلو من اختلاط مذينا بمنينا, المهم فبعد إدخالي لتلك الملابس في الغسالة وتشغيلي لها, تعطلت تلك المكينة واضطررت إلى أن أفرغ ذلك الماء عن طريقة اضطرارية فإذا بذلك الماء يغمر أرض الحمام كما أنه أصاب شيئا من ثيابي وأصاب أيضا حافة الحمام التي عادة تكون عالية عن أرض الحمام وقد أصابها بضع قطرات من ذلك, فلما رأيت ذلك اضطررت إلى أن أغير ملابسي لأنها قد تنجست بتلك القطرات ونسيت أن أغسل الحافة, وغسلت رجلي ثم تركت الماء على أرض الحمام, وبعد خروجي وقعت رجلي على حافة الباب والتي كان فيها قطرات من ذلك الماء المتنجس ثم خرجت باعتبار أن رجلي تطهر مباشرة بمكان السجاد الذي بعده, وبعد ذلك بدأت أفكر باعتبار أنه في حالة إذا ما رجعت للحمام ووطئت تلك البقعة التي وطئتها بعد خروجي من الحمام ورجلي مبتلة، فهل تتنجس رجلي لأني لا أستطيع أن أرى لون تلك القطرات أو أشم ريحها لكي يتسنى لي التأكد من أنه لم يبق إلا حكم النجاسة وبالتالي فلا تتنجس رجلي، حتى إني يا شيخ سألت زوجتي لأنها دخلت الحمام عن لبسها لنعال الحمام فأجابتني بنعم, فهل يجب علي أن أسألها مرة ثانية فيما إذا أصابها شيء من ذلك الماء النجس لكي أتأكد أنها لم تطأ موقعا من السجاد فيتنجس بسببه، وهل في حالة إذا ما أصابت نجاسة رجلا مبتلة ووطأت بعده مكانا طاهرا، فهل تطهر الرجل بمجرد وطئها مكانا واحدا؟ أم أنه يجب عليه أن يستمر في التنقل إلى أن تجف النجاسة عن رجله؟ وهل كل الأماكن التي وطئها تصبح نجسة بما فيها المكان الأول الذي وطئ عليه؟ لأن بيتي مفروش كله بالموكيت فعليها أريد من فضيلتكم أن تجاوبوني على تلك الأسئلة باعتبار أن أمكنة الوطء بالرجل النجسة التي فيها يسير من النجاسة أو كثير يكون على الموكيت, وفي الأخير أرجو منكم أن تسرعوا بالرد على كل سؤال بالتفصيل في أقرب وقت ممكن لأنها حالة جد مستعصية ولا يعلم بها إلا الله, فإنه قد أخذ تفكيري وبالي هذا الموضوع, فأرجو أن تكونوا ممن يفكون عني هذه الكربة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كنت قد وضعت الثياب أولا في الغسالة ثم صببت الماء عليها فالماء المنفصل طاهر ما لم ينفصل متغيرا بالنجاسة، والظاهر عدم تغيره لأن ما يصيب الثياب من أثر الجماع شيء يسير. وعليه، فلا يكون ما أصابه من أرضية الحمام متنجسة ولا ما لاقاها من الأحذية.
أما إذا وضعت الماء في الغسالة أولا ثم وضعت الثياب، فإن أهل العلم قد اختلفوا في تنجس الماء في هذه الحالة إذا كان الماء دون القلتين؛ فذهب بعضهم إلى أنه يتنجس وإن لم يتغير بسبب النجاسة، وذهب آخرون إلى أنه طاهر إلا إن غيرته النجاسة، وكلا القولين معتبر ولا حرج عليك في أن تأخذ بأحدهما، فإذا أخذت بالأحوط وهو قول من يقول بتنجس الماء في تلك الحال أو كان الماء قد غيرته النجاسة فإن أرضية الحمام متنجسة، وكل ما لاقاها وهي مبلولة أو هو مبلول فإنه يتنجس، واختلف العلماء رحمهم الله تعالى في طهارة الأرض المتنجسة على قولين مشهورين:
الأول: مذهب الحنفية وهي رواية عن الإمام أحمد، واختارها شيخ الإسلام أنها تطهر بالشمس والريح والجفاف ولا يشترط غسلها بالماء.
الثاني: مذهب الجمهور وهو أنها لا تطهر إلا بالماء.
وكلا القولين معتبر لأن المسألة من مسائل الاجتهاد، ولو أخذ العامي بواحد منهما فهو على خير، وما دمت قد اطمأنت نفسك للقول الأول وعملت على وفقه ثم عملت بالرأي الآخر وغسلت الأرض فأنت في الحالين على خير، والقائلون باشتراط الطهارة من النجاسة لصحة الصلاة قد اختلفوا فيمن صلى وعليه نجاسة وهو جاهل بهذا الحكم أو كان ناسيا للنجاسة هل يلزمه إعادة الصلاة أو لا؟ فمنهم من أوجب الإعادة كالشافعية والحنابلة وهو الأحوط، ومنهم من لم يوجبها، وللمزيد من الفائدة تراجع الفتوى رقم: 6115.
وما ذكرناه مبني على تأكدك من نجاسة ما علق بحذائك، أما إذا كان مشكوكا في نجاسته فالأصل الطهارة.
وإذا وطئت الأرض المتنجسة برجلك تنجست رجلك، فإذا ما وطئت برجلك وهي مبتلة السجاد فإنه يتنجس، فإذا جف وعدت فوطئته برجلك المبتلة تنجست رجلك ولو لم تر النجاسة أو تشم لها رائحة؛ لأن المحل الذي وطئته لا يزال متنجسا ولا يطهر على رأي الجمهور إلا بصب الماء عليه، أما على الرأي الأول فإنه يكون قد طهر بالجفاف.
وأما زوجتك فقد علمت أنها لبست الحذاء عند دخولها الحمام ولا يلزمك سؤالها مرة أخرى عن تفاصيل ما حصل منها، والأصل الطهارة. وأما إذا وطئ برجله المتنجسة عدة أماكن فإنها تنجس كل مكان لاقته وهي مبلولة، وأما بعد الجفاف فما لاقته فإنها لا تنجسه لأن ملاقاة الجاف للجاف لا ينجسه بغير خلاف، إلا أن رجله لا تزال متنجسة حتى تغسل بالماء، وهذا كله بناء على مذهب الجمهور من أن محل النجاسة لا يطهر إلا بالغسل، أما الرأي الآخر الذي يكتفي بزوال لون النجاسة وطعمها وريحها بالجفاف أو الشمس أو الريح ونحو ذلك، فلا يقولون بهذا التفصيل الذي فصلناه. ولو أخذت برأيهم فلا حرج عليك دفعا للحرج والمشقة. وتراجع في ذلك الفتوى رقم: 76752 للمزيد من الفائدة.
والله أعلم.