السؤال
أنا في طريقي إلى الإمارات من مصر بالسيارة أحرمت أنا وأولادي وزوجتي من أبيار علي للعمرة ولم أشترط لعدم علمي بالاشتراط ومنعتني الشرطة من مواصلة السير لمكة، فلم أتمكن من أداء العمرة أنا وأولادي وزوجتي فما الحكم، وإذا كانت هناك كفارة فما مقدارها، وهل لا بد أن توزع في الحرم، أم لا؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن ما جرى على الأخ السائل هنا هو وأهله هو ما يسمى بالإحصار، وقد أوضحنا ما يفعل المحصر في الفتوى رقم: 17069، والفتوى رقم: 11961.
فإن كنتم قد تحللتم بعد أن منعتم من مواصلة العمرة على نحو ما أوضحنا في الفتويين المشار إليهما فلا إشكال في الأمر، والتحلل يحصل بالحلق أو التقصير بنية التحلل مع الهدي، أو ما يقوم مقامه في حال العجز عنه، وإن كنتم رجعتم إلى مكان إقامتكم ولم تتحللوا أو تحللتم بدون هدي وأنتم تستطيعون ذلك فإنك أنت وزوجتك ومن كان بالغا من الأولاد ما زلتم على إحرامكم، لأن الإحرام لا يمكن التخلص منه إلا بفعل النسك أو التحلل، وللعلماء فيما يجب بدل الهدي إذا لم يقدر عليه المحصر خلاف ذكرناه في الفتوى الأولى من الفتويين المشار إليهما سابقا، وعلى الاحتمال الثاني فما وقعتم فيه من المحظورات في فترة ما بين الإحصار إلى الوقت الذي تصلتكم فيه هذه الفتوى قد سبق الكلام عليه في الفتوى رقم: 30674، والفتوى رقم: 14924.
فإن لم تكونوا قد تحللتم فتحللوا بذبح هدي عن كل فرد وأقله شاة أو سبع بقرة أو سبع بدنه عن الواحد، وتوزع على الفقراء في ذلك البلد أو توكلوا من يشتريه في الحرم ويذبحه ويوزعه على فقراء الحرم كل ذلك يجزئكم إن شاء الله تعالى إن كان ذلك بالإمكان، فإن لم تستطيعوا ذلك فعلى كل فرد بالغ صيام عشرة أيام بدل الهدي، ولا يتحلل إلا بعد انتهائه من الصيام.
قال ابن قدامة في المغني: وإذا قدر المحصر على الهدي، فليس له الحل قبل ذبحه، فإن كان معه هدي قد ساقه أجزأه، وإن لم يكن معه لزمه شراؤه إن أمكنه، ويجزئه أدنى الهدي، وهو شاة، أو سبع بدنه، لقول الله تعالى: فما استيسر من الهدي. وله نحره في موضع حصره، من حل أو حرم. نص عليه أحمد وهو قول مالك والشافعي. انتهى.
وقال ابن قدامة أيضا: وجملة ذلك أن المحصر إذا عجز عن الهدي انتقل إلى صوم عشرة أيام ثم حل، وبهذا قال الشافعي في أحد قوليه، وقال مالك وأبو حنيفة: ليس له بدل لأنه لم يذكر في القرآن، ولنا أنه دم واجب للإحرام فكان له بدل كدم التمتع والطيب واللباس، وترك النص عليه لا يمنع قياسه على غيره في ذلك، ويتعين الانتقال إلى صيام عشرة أيام كبدل هدي التمتع وليس له أن يتحلل إلا بعد الصيام، كما لا يتحلل واجد الهدي إلا بنحره. انتهى.
أما الأولاد الصغار الذين لم يبلغوا فقد اختلف في وجوب إتمامهم النسك إذا أحرموا، وقد رجحنا القول بعدم إلزامهم بذلك، وبالتالي فليس عليهم أي هدي هنا ولا تحلل، ولو تحللوا بالهدي كان ذلك أولى لأجل الخروج من الخلاف، ولا سيما إن كان ذلك غير مجحف بأبيهم.
والله أعلم.