الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

من اشترط عند إحرامه فلا يلزمه شيء عند التحلل

السؤال

منعني زوجي من العمرة بعد إحرامي وقد نويت العمرة وقلت إلا إذا حبسني حابس، ولما رجعت إلى بيتي في جدة جامعني، فهل علي شيء، لأنني لو لم أطعه لحدثت مشكلة كبيرة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن كانت هذه العمرة هي عمرة الفريضة أو كانت عمرة تطوع وكنت أحرمت بها بإذن زوجك فليس له تحليلك من عمرتك، ويجب عليك أن تمضي في نسكك ولا تحلين إلا بعد الفراغ منه، فإن أكرهك على التحلل ومنعك من إتمام نسكك فحكمك حينئذ حكم المحصر، وما دمت قد اشترطت أن محلك حيث حبست فإنك تحلين ولا شيء عليك، وأما إن كانت عمرتك هذه عمرة تطوع ولم تكوني قد استأذنته قبل الإحرام بها فإنه يجوز له تحليلك من إحرامك ويجب عليك طاعته في التحلل، وتتحللين بما يتحلل به المحصر من ذبح الهدي، فإن لم تجدي فصيام عشرة أيام، قال ابن قدامة رحمه الله: المرأة إذَا أَحْرَمَتْ بِالْحَجِّ الْوَاجِبِ، أَوْ الْعُمْرَةِ الْوَاجِبَةِ، وَهِيَ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ وَعُمْرَتُهُ، أَوْ الْمَنْذُورُ مِنْهُمَا، فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا مَنْعُهَا مِنْ الْمُضِيِّ فِيهَا، وَلَا تَحْلِيلُهَا، فِي قَوْلِ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَأَمَّا إنْ أَحْرَمْت بِتَطَوُّعِ، فَلَهُ تَحْلِيلُهَا وَمَنْعُهَا مِنْهُ، فِي ظَاهِرِ قَوْلِ الْخِرَقِيِّ، فَإِنْ أُذْنَ لَهَا فِيهِ، فَلَهُ الرُّجُوعُ مَا لَمْ تَتَلَبَّسْ بِإِحْرَامِهِ، فَإِنْ تَلَبَّسَتْ بِالْإِحْرَامِ، أَوْ أَذِنَ لَهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ، وَلَا تَحْلِيلُهَا مِنْهُ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ، فَصَارَ كَالْوَاجِبِ الْأَصْلِيِّ، فَإِنْ رَجَعَ قَبْلَ إحْرَامِهَا، ثُمَّ أَحْرَمَتْ بِهِ، فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَأْذَنْ، وَإِذَا قُلْنَا: بِتَحْلِيلِهَا، فَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمُحْصَرِ، يَلْزَمُهَا الْهَدْيُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ صَامَتْ، ثُمَّ حَلَّتْ. انتهى مختصرا.

وقال النووي: قَالَ أَصْحَابُنَا: حَيْثُ أَبَحْنَا لَهُ تَحْلِيلَهَا لَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتَحَلَّلَ حَتَّى يَأْمُرَهَا، فَإِذَا أَمَرَهَا تَحَلَّلَتْ كَمَا يتحلل المحصر سواء. انتهى.

ولكنك على أية حال ما دمت قد اشترطت عند إحرامك أنك تحلين حيث حبست، فإن شرطك هذا ينفعك ـ إن شاء الله ـ ونحن وإن لم نجد للعلماء كلاما في خصوص هذه المسألة، فإن عموم كلامهم يقتضي ذلك، قال في شرح المقنع: إذا شرط في وقت إحرامه أن يحل متى مرض أو ضاعت نفقته أو نفذت أو نحوه، أو قال إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فله التحلل متى وجد ذلك وليس عليه هدي ولا صوم ولا قضاء ولا غيره، فإن للشرط تأثيراً في العبادات بدليل أنه لو قال إن شفي مريضي صمت شهراً متتابعاً أو متفرقاً كان على شرطه، وإنما لم يلزمه هدي ولا قضاء، لأنه إذا شرط شرطاً كان إحرامه الذي فعله إلى حين وجود الشرط فصار بمنزلة من أكمل أفعال الحج. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني