السؤال
أبي توفي وعمري 3 سنوات وأمي توفيت وعمري 8 سنوات وأنا بفضل الله أنعم بهداية الله لي والحمدلله رب العالمين سؤالي جزاكم الله خيرا : هل يصل جزاء صالح عملي ( نرجو من الله القبول) إليهما رغم أنهما لم يربياني .وهل إذا حفظت القرآن سألبسهم يوم القيامة ذلك التاج ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الولد يثاب على الأعمال التي قام بها قبل بلوغه وبعد بلوغه؛ لما رواه مسلم عن كريب : أن امرأة رفعت صبيا فقالت : يا رسول الله ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر . وينال والداه منه الدعاء لهما والاستغفار والتصدق عنهما وما أهدى لهما ثوابه من تلاوة وما عمله عنهما من حج أو عمرة؛ لما رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا : إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية ، أوعلم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له . قال الإمام النووي في شرح هذا الحديث : قال العلماء: معنى الحديث أن عمل الميت ينقطع بموته، وينقطع تجدد الثواب له إلا في هذه الأشياء الثلاثة لكونه سببها ، فإن الولد من كسبه ، وكذلك العلم الذي خلفه من تعليم أو تصنيف ، وكذلك الصدقة الجارية وهي الوقف . اهـ .
وفي الحديث أن رجلا قال : يا رسول الله أن أمي افتلتت نفسها ولم توص وأظنها لو تكلمت تصدقت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال : نعم فتصدق عن أمك . رواه البخاري ومسلم .
وقيل إن كل عمل صالح يعمله الولد يلحق ثوابه لأبويه ولو لم يدع لهما ، كما أنه إذا ترك صدقة جارية يلحقه ثوابها ولو لم يدع له من انتفع بها أو استفاد منها. جاء ذلك في شرح ابن ماجه للسيوطي والدهلوي ، وقيل إنه لا يثاب الوالد أو الوالدة على عمل يعمله ولدهما إلا إذا كان هذا العمل نتيجة تربيتهم لهذا الولد أو نصحهم وتوجيههم وتعليمهم ونحو ذلك مما يكون له أثر في اهتداء الوالد لهذا العمل ، ويجعلهما داخلين في مضمون قوله صلى الله عليه وسلم : من دعا إلى هدى فإن له من الأجر مثل أجور من تبعه . رواه مسلم . أما أن يثاب بمجرد عمل الولد فهذا مخالف للنصوص الشرعية الدالة على أن الإنسان لا يستحق إلا عمله؛ لقوله تعالى : وأن ليس للإنسان إلا ما سعى {النجم: 39 }
وأما الولد الذي يحفظ القرآن ويعمل به فإن الله يكرم والديه بالكسوة في الجنة ، فقد أخرج الحاكم في المستدرك عن بريدة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ القرآن وتعلمه وعمل به ألبس يوم القيامة تاجا من نور ضوؤه مثل ضوء الشمس ويكسى والداه حلتين لا تقوم بهما الدنيا فيقولان : بم كسينا ؟ فيقال : بأخذ ولدكما القرآن . وقال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط مسلم .
وأخرج الإمام أحمد في المسند وأبو داود في السنن والحاكم في المستدرك عن معاذ بن أنس الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من قرأ القرآن وعمل بما فيه ألبس والداه تاجا يوم القيامة ضوؤه مثل ضوء الشمس في بيوت الدنيا لو كانت فيكم، فما ظنكم بالذي عمل بهذا . وراجع الفتاوى التالية أرقامها : 69795 ، 51983 ، 39052 ، 26498 ، 58089 .
والله أعلم .