القروض الميسرة من بنك يشترط رصيدا معينا لإتمام القرض

0 422

السؤال

أعمل موظفا بإحدى الشركات ولديها تعامل مع أحد المصارف فيما يتعلق بالأمور المالية الخاصة بالشركة وقد أبدى المصرف استعداده بالتعاون في كثير من البنود ، وكان من بين البنود التي اقترحها البنك على الشركة بعد أن طلبت منه توسيع نطاق التعامل بينهما ما نصه : " استعداد المصرف لمنح قروض اجتماعية للعاملين بالشركة ( سلف ) وفق الإجراءات المعمول بها وبدون فوائد - أي بدون ربا – بشرط أن يكون للشركة حساب جار برصيد دائن يتراوح ما بين ( 6 – 10 ) مليون دينار. " علما بأن قيمة السلفة ( 10000 ) دينار وعدد العاملين بالشركة الذين يرغبون في الاستفادة من هذا العرض حوالي ( 500 ) موظف .السؤال الأول: ما مدى صحة هذا العرض المقدم من المصرف حيث إنه دخل فيه الاشتراط ؟السؤال الثاني : هل ينطبق قول ( كل قرض جر نفعا فهو ربا ) على هذه المعاملة بين المصرف والشركة بخصوص هذا البند ؟السؤال الثالث : إذا كانت هذه المعاملة بين المصرف والشركة غير جائزة شرعا سواء من ناحية اشتراط المصرف على الشركة ضرورة أن يكون لها حساب جار لديه - علما بأن للشركة حسابا جاريا قديما به ملايين الدينارات قبل أن يتقدم المصرف بعرضه المتعلق بمنح السلفة للعاملين بالشركة - أم من ناحية جلب النفع حال الإقراض .فهل يجوز لنا نحن العاملين بالشركة الاستفادة من هذا العرض الذي قدمه المصرف للشركة بغض النظر عن طبيعة المعاملة بين المصرف والشركة باعتبار أننا سنأخذ من المصرف ( 10000 ) دينار للانتفاع بها في إتمام أمورنا الشخصية مثل ( الزواج أو بناء مسكن أو شراء سيارة أو المتاجرة بها ... إلخ ) ثم يقوم المصرف بخصمها من مرتباتنا على هيئة أقساط شهرية لمدة ( 6 ) سنوات دون أن يزيد عليها درهما واحدا ؟علما بأن معظم العاملين في أمس الحاجة لهذا المبلغ وخاصة فيما يتعلق بالحصول على مسكن أو الزواج ، بعد رفضنا الحصول على قروض بقيمة كبيرة ولكنها ربوية ؟نأمل أن نحصل منكم على إجابة شافية في أسرع وقت ممكن.جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فكل منفعة اشترطها المقرض عند القرض فهي ربا حرام، لما روى الحارث بن أيي أسامة في مسنده من حديث علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كل قرض جر منفعة فهو ربا. والحديث ضعفه الشيخ الألباني.

وجاء في "المصنف" عن ابن سيرين قال: أقرض رجل رجلا خمسمائة درهم واشترط عليه ظهر فرسه، فقال ابن مسعود: ما أصاب من ظهر فرسه فهو ربا. اهـ.

ومن المفيد هنا نقل ما قاله الشلبي الحنفي في حاشيته على تبيين الحقائق حيث قال: قال الكرخي في مختصره في كتاب الصرف: وكل قرض جر منفعة لا يجوز، مثل أن يقرض دراهم غلة على أن يعطيه صحاحا أو يقرض قرضا على أن يبيع به بيعا، لأنه روي أن كل قرض جر نفعا فهو ربا، وتأويل هذا عندنا أن تكون المنفعة موجبة لعقد القرض مشروطة فيه، وإن كانت غير مشروطة فيه فاستقرض غلة فقضاه صحاحا من غير أن يشترط عليه جاز. انتهى

وجاء في "أسنى المطالب": قوله: كل قرض جر منفعة فهو ربا، أي شرط فيه ما يجر إلى المقرض منفعة. اهـ.

ثم إن هذه العملية داخلة فيما يعرف عند الفقهاء بمسألة أقرضني وأقرضك وما كان كذلك فهو حرام. قال الحطاب المالكي: ولا خلاف -عند المالكية- في المنع من أن يسلف الإنسان شخصا ليسلفه بعد ذلك. وهكذا مذهب الحنابلة والأحناف في تحريم أسلفني وأسلفك.

فبان من جميع هذه النصوص أن ما ذكرته من استعداد المصرف لمنح قروض اجتماعية للعاملين بالشركة بدون فوائد، بشرط أن يكون للشركة حساب جار برصيد دائن يتراوح ما بين (6 – 10) مليون دينار، هو من الربا الحرام.

هذا عن سؤالك الأول والثاني، وأما عن سؤالك الثالث، فالذي يظهر –والله أعلم- أن الواجب عليكم أولا هو السعي في أن لا يتم العقد بالشكل المذكور بين البنك وبين شركتكم؛ لأنه منكر والواجب على كل من استطاع تغييره أن يغيره بقدر ما يستطيع.

وإذا تم العقد بين الشركة وبين البنك، وقامت بالإيداع فيه، فلا نرى حرجا على عمالها في أن يستفيدوا من قروض البنك إذا كانت -حقا- خالية من الربا.

والذي يظهر أن هذه العقود لا ارتباط بينها وبين الاتفاق المذكور؛ لأنك ذكرت أن للشركة حسابا جاريا قديما، وبه ملايين الدينارات قبل أن يتقدم المصرف بعرضه المتعلق بمنح السلفة للعاملين بالشركة.

ولأن الاتفاق إذا تم بين الشركة وبين المصرف فإنه لا يغير منه ترك العمال الاقتراض من البنك.

وأقصى ما نراه في المسألة أن البنك حائز للمال الحرام، وقد كره أهل العلم التعامل مع من كان كذلك. ولك أن تراجع في التعامل مع حائز المال الحرام فتوانا رقم: 6880.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة