السؤال
ثبت في السنة بأنه يجوز للولي أن يحج عن الميت ويصوم عنه ما فات من صيام رمضان ويدعو له، ولكنكم أفتيتم في الفتوى 2288 بجواز إهداء القرآن وهذا لم يذكر في السنة أريد دليلا؟
وقلتم في الفتوى رقم 5023 بأنه يجوز الدعاء والاستغفار لزائرة القبول أريد دليلا على هذا من السنة الصحيحة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمما نحرص عليه في موقعنا "مركز الفتوى" ألا نذكر الحكم إلا بدليله ، ولعلك -أخانا الكريم- لم يطل تأملك في فتوانا، فلم يتضح لك استدلالنا على جواز إهداء ثواب القرآن للميت، ونحن نعيد توضيحه بأبسط مما ذكر في الجواب فنقول وبالله التوفيق:
وردت الأحاديث الصحيحة بجواز إهداء ثواب بعض الأعمال كالحج، والصدقة، والصوم إلى الميت، ولم تذكر هذه الأحاديث كل الأعمال، فألحقنا ما لم يذكر بما ذكر، من باب إلحاق النظير بنظيره لوضوح علته، وهو أن من ملك شيئا جاز له إهداؤه، فقلنا يجوز أن يهدي القارئ ثواب قراءته رجاء قبولها للميت المسلم، وهو كما ترى نوع من الاستنباط الذي جرى عليه العلماء، منهم العلامة ابن القيم في كتاب الروح. أما الاعتراض على هذا الاستدلال بقوله تعالى: (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى).
فنحن نقول بهذه الآية، ولكن انتفاع الميت بكسب غيره الموهوب له غير داخل فيها، بدلالة الأحاديث والمعنى، فدلت الأحاديث على انتفاع الميت بصدقة غيره وحجه عنه، وكذلك المعنى فالآية إنما تدل على أن الإنسان لا يعطى كسب غيره، لكن إن وهب هذا الغير كسبه، فإنه يصير من جنس كسبه في وجوه الانتفاع به.
أما الدليل على جواز، بل استحباب الدعاء والاستغفار لأهل القبور، ممن يزورها، ومن غيره، فلعله واضح من الحديث المذكور في الفتوى موضوع السؤال، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "نسأل الله لنا ولكم العافية" رواه مسلم.
فإن هذا دعاء ولا شك، وأما الاستغفار، وهو دعاء أيضا، فإنه يمكن الاكتفاء بالدليل الأول على استحبابه، غير أنه قد ورد صريحا في الحديث الآخر، وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "السلام عليكم يا أهل القبور، يغفر الله لنا ولكم.." وهو واضح في الدلالة.
وفي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج من آخر الليل إلى البقيع، فيقول: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين... اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد". والله أعلم.